كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

بالناس قائمًا، فتقدّم النبي - صلى الله عليه وسلم - وجلس فصلّى بالناس؛ وتأخر أبو بكر (¬١). ثم خالفوا الحديث في نفس ما دلّ عليه، وقالوا: إن تأخَّر الإمام لغير حَدَثٍ وتقدَّم الآخر، بطلتْ صلاة الإمامين وصلاة جميع المأمومين.
واحتجوا على بطلان صوم مَن أكل يظنُّه ليلًا فبان نهارًا، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم» (¬٢). ثم خالفوا الحديث في نفس ما دلّ عليه، فقالوا: لا يجوز الأذان للفجر بالليل، لا في رمضان ولا في غيره. ثم خالفوه من وجه آخر، فإنّ في نفس الحديث: «وكان ابن أمّ مكتوم رجلًا أعمى لا يؤذِّن حتى يقال له: [٢٠/ب] أصبحتَ أصبحتَ» (¬٣)، وعندهم من أكل في ذلك الوقت بطل صومه.
واحتجوا على المنع من استقبال القبلة واستدبارها بالغائط بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تستقبلوا القبلةَ بغائطٍ ولا بولٍ ولا تستدبروها» (¬٤). وخالفوا الحديث نفسه، وجوَّزوا استقبالها واستدبارها بالبول.
واحتجوا على شرط الصوم في الاعتكاف بالحديث الصحيح عن عمر أنه نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلةً في المسجد الحرام، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوفي بنذره (¬٥). وهم لا يقولون بالحديث؛ فإن عندهم أن نذر الكافر لا ينعقد، ولا يلزم الوفاء به بعد الإسلام.
---------------
(¬١) رواه البخاري (٦٦٤) ومسلم (٤١٨) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(¬٢) رواه البخاري (٦٢٢) ومسلم (١٠٩٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(¬٣) رواه البخاري (٦١٧) ومسلم (١٠٩٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(¬٤) رواه البخاري (١٤٤) ومسلم (٢٦٤) من حديث أبي أيوب - رضي الله عنه -.
(¬٥) رواه البخاري (٢٠٣٢) ومسلم (١٦٥٦).

الصفحة 75