كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

الربا، فانظر إلى حمايته الذريعةَ إلى ذلك بكل طريق. وقد احتج بعض المانعين لمسألة [٤٨/أ] مُدّ عَجْوة (¬١) بأن قال: إن من جوَّزها يجوِّز أن يبيع الرجل ألفَ دينارٍ في منديل بألف وخمسمائة مفردة، قال: وهذه (¬٢) ذريعة إلى الربا، ثم قال: يجوز أن يُقرِضه ألفًا ويبيعه المنديل بخمسمائة. وهذا هو بعينه الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو من أقرب الذرائع إلى الربا، ويلزم من لم يسدَّ الذرائع أن يخالف النصوص ويجيز ذلك، فكيف يترك أمرًا ويرتكب نظيره من كل وجه؟
الوجه الثالث والعشرون: أن الآثار المتظاهرة في تحريم العِينة (¬٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬٤) وعن الصحابة (¬٥) تدل على المنع من عود السلعة إلى البائع وإن لم يتواطآ على الربا، وما ذاك إلا سدًّا للذريعة.
الوجه الرابع والعشرون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع المُقرِض من قبول الهدية (¬٦)،
---------------
(¬١) مسألة مشهورة في الفقه، وهي بيع مالٍ ربوي بربوي آخر من جنسه مع ربوي من غير جنسه (أي غير جنس الربوي المبيع)، ومثلوا لذلك بمدّ عجوة ودرهم.
(¬٢) ز: «وهذا».
(¬٣) هي أن يبيع سلعةً لرجلٍ إلى أجلٍ ثم يبتاعها منه بأقل من ذلك.
(¬٤) رواه أبو داود (٣٤٦٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. والحديث جوّد إسناده ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٠)، وصححه الألباني في «الصحيحة» (١١).
(¬٥) كابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -. انظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (٢٠٥٢٧، ٢٠٥٢٣).
(¬٦) رواه ابن ماجه (٢٤٣٢) والبيهقي (٥/ ٣٥٠) من حديث أنس - رضي الله عنه -. وفي إسناده عتبة بن حميد الضَبّي متكلم فيه، وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وكذلك جهالة يحيى الهُنَائي، والحديث ضعفه الألباني في «الإرواء» (٥/ ٢٣٦) و «الضعيفة» (١١٦٢).

الصفحة 14