كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

الله وشئتَ»: «أجعلتَني لله نِدًّا» (¬١)؟ فحسمَ مادة الشرك وسدَّ الذريعة إليه في اللفظ كما سدَّها في الفعل والقصد، فصلوات الله وسلامه عليه أكمل صلاة وأزكاها وأتمَّها.
الوجه الرابع والأربعون: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر المأمومين أن يصلُّوا قعودًا إذا صلَّى إمامهم (¬٢) قاعدًا (¬٣)، وقد تواتر عنه ذلك، ولم يجئ عنه ما ينسخه، وما ذاك إلا سدًّا لذريعة مشابهة الكفار [٤٩/ب] حيث يقومون على ملوكهم وهم قعود، كما علَّل به صلوات الله وسلامه عليه، وهذا التعليل منه يُبطِل قول من قال: إنه منسوخ، مع أن ذلك دعوى لا دليل عليها.
الوجه الخامس والأربعون: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر المصلِّي بالليل إذا نَعَسَ أن يذهب فليرقُد، وقال: «لعله يذهبُ يستغفرُ فيسبُّ نفسَه» (¬٤)، فأمره بالنوم لئلا تكون صلاته في تلك الحال ذريعةً إلى سبِّه لنفسه، وهو لا يشعر لغلبة النوم.
الوجه السادس والأربعون: أن الشارع صلوات الله عليه نهى أن يخطب الرجل على خِطبة أخيه (¬٥)، أو يستام على سَوْمِ أخيه أو يبيع على بيع
---------------
(¬١) رواه البخاري في «الأدب المفرد» (٧٨٣) والطبراني (١٣٠٠٥) بلفظ: «جعلت لله ندًا»؛ ورواه النسائي في «الكبرى» (١٠٧٥٩) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٢٩٣) بلفظ: «أجعلتني لله عدلًا»، كلهم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -. والحديث حسَّنه العراقي في «تخريج الإحياء» (ص ١٠٥٦) والألباني في «الصحيحة» (١٣٩).
(¬٢) د: «الإمام».
(¬٣) رواه البخاري (٦٨٨، ٦٨٩، ٧٢٢) ومسلم (٤١٢، ٤١١، ٤١٤) من حديث عائشة وأنس وأبي هريرة - رضي الله عنهم -. وانفرد مسلم (٤١٣) بروايته من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(¬٤) رواه البخاري (٢١٢) ومسلم (٧٨٦) من حديث عائشة - رضى الله عنها -.
(¬٥) رواه البخاري (٥١٤٢) ومسلم (١٤١٢/ ٥٠) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

الصفحة 22