كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
أبو محمد ابن حزم (¬١) وغيره.
قيل: نعم هذان طريقان، ولكن إذا أحكم سدّهما غاية الإحكام، ولم يُمكِنْه سلوكُ أحدهما، وأيَّهما سلكَ ترتَّب عليه غاية الضرر في دينه ودنياه= لم يحرم عليه ــ والحالة هذه ــ سلوكُ طريق الخلع، وتعيَّن في حقِّه طريقان: إما طريق الخلع، وإما سلوك طريق أرباب اللعنة.
وهذه المواضع وأمثالها لا تحتملها إلا العقول الواسعة التي لها (¬٢) إشراف على أسرار الشريعة ومقاصدها وحِكَمها، وأما عقلٌ لا يتسع لغير تقليد من اتفق له تقليده وترك أقوال جميع أهل العلم لقوله فليس الكلام معه.
الوجه التاسع: أن غاية ما منع المانعين من صحة هذا الخلع أنه حيلة، والحيل باطلة؛ ومنازعوهم ينازعونهم في كلتا المقدمتين، فيقولون: الاعتبار في العقود بصورها دون نيّاتها ومقاصدها، فليس لنا أن نسأل الزوج إذا أراد خلْعَ امرأته: ما أردتَ بالخلع؟ وما السبب الذي حملَك عليه؟ هل هو المشاقَّة أو التخلُّص من اليمين؟ بل نُجرِي حكم التخالع على ظاهره، ونَكِلُ سرائر الزوجين إلى الله.
قالوا: ولو ظهر لنا قصد الحيلة فالشأن في المقدمة الثانية، فليس كل حيلةٍ باطلةٌ محرَّمة، وهل هذا الفصل الطويل الذي نحن فيه إلا في أقسام [١٧١/ب] الحيل؟ والحيلة المحرَّمة الباطلة هي التي تتضمَّن تحليل ما حرَّمه
---------------
(¬١) في «المحلَّى» (١٠/ ٢١٣).
(¬٢) ز: «لا لها».