كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

الدين بمنزلة السمع والبصر، ومن المحال أن يُحرَم سمعُ الدين وبصرُه الصوابَ ويَظْفَر به من بعدهما.
الوجه الثامن والعشرون: ما رواه أبو داود وابن ماجه (¬١) من حديث ابن إسحاق عن مكحول عن غُضَيف بن الحارث عن أبي ذر قال (¬٢): مرَّ فتًى على عمر - رضي الله عنه -، فقال عمر: نعم الفتى، قال: فتبعه أبو ذر، فقال: يا فتى استغفِرْ لي، فقال: يا أبا ذر، أَستغفر لك وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: استغفِرْ لي، قال: لا أو تُخبرنَّ (¬٣)، قال: إنك مررتَ على عمر فقال: نعم الفتى، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله جعلَ الحقَّ على لسانِ عمر وقلبِه». ومن المحال أن يكون الخطأ في مسألةٍ أفتى بها مَن جعلَ الله الحقَّ على لسانِه وقلبِه حظَّه (¬٤)، ولا ينكره عليه أحد من الصحابة، ويكون الصوابُ فيها حظَّ مَن بعده، هذا من أبينِ المحال.
---------------
(¬١) عند أبي داود (٢٩٦٢) وابن ماجه (١٠٨) الجزء المرفوع بهذا الإسناد دون القصة. ورواه أحمد (٢١٤٥٧، ٢١٥٤٢) والحاكم (٣/ ٨٦ - ٨٧) والبيهقي في «المدخل» (٦٦) بهذا الإسناد مع القصة. وصححه الترمذي والحاكم وابن تيمية في «منهاج السنة» (٦/ ٦٣).
(¬٢) كذا في النسخ: «عن أبي ذر قال»، فيوهم أن «مرَّ فتى ... » قولُه، والواقع أنه قول غُضَيف، وهو الفتى المذكور كما في مصادر التخريج. والمؤلف روى القصة بالمعنى.
(¬٣) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «تخبرني».
(¬٤) «حظَّه» خبر «يكون».

الصفحة 612