كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

فيسبُّ أمه». متفق عليه (¬١). ولفظ البخاري: «إن من أكبر الكبائر أن [٤٧/أ] يلعن الرجل والديه»، قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: «يسبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباه، ويسبّ أمه فيسبّ أمه». فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجلَ سابًّا لاعنًا لأبويه بتسبُّبِه إلى ذلك وتوسُّله إليه وإن لم يقصده.
الوجه التاسع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكفُّ عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة، لئلا يكون ذريعةً إلى تنفير الناس عنه وقولِهم: إن محمدًا يقتل أصحابه (¬٢)، فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه وممن لم يدخل، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم، ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل.
الوجه العاشر: أن الله سبحانه حرَّم الخمر لما فيها من المفاسد الكثيرة المترتبة على زوال العقل، وهذا ليس مما نحن فيه، لكن حرَّم القطرة الواحدة منها (¬٣)، وحرَّم إمساكها للتخليل ونجَّسها (¬٤) (¬٥)، لئلا تتخذ القطرة ذريعة إلى الحَسْوة, ويتخذ إمساكها للتخليل ذريعة إلى إمساكها للشرب، ثم بالغ في سدّ الذريعة فنهى عن الخليطَينِ (¬٦)، وعن شرب العصير بعد
---------------
(¬١) البخاري (٥٩٧٣) ومسلم (٩٠).
(¬٢) رواه البخاري (٤٩٠٥) ومسلم (٢٥٨٤) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(¬٣) رواه أحمد (١٤٧٠٣) وأبو داود (٣٦٨١) والترمذي (١٨٦٥) وابن ماجه (٣٣٩٣)، من حديث جابر. وحسَّنه الترمذي وصححه ابن حبان (٥٣٨٢).
(¬٤) ز: «تجنبها».
(¬٥) رواه مسلم (١٩٨٣) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(¬٦) رواه البخاري (٥٦٠١) ومسلم (١٩٨٦) من حديث جابر - رضي الله عنه -.

الصفحة 8