كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

مستقلًّا بالاجتهاد، فهل له أن يفتي بقول (¬١) ذلك الإمام؟ على قولين، وهما وجهان لأصحاب الشافعي وأحمد:
أحدهما: الجواز، ويكون متبعه مقلِّدًا للميت، لا له، وإنما له مجرَّد النقل عن الإمام.
والثاني: لا يجوز له أن يفتي، لأن السائل مقلِّد له، لا للميِّت، وهو لم يجتهد له، والسائل يقول (¬٢): أنا أقلِّدك فيما تفتيني به.
والتحقيق: أن هذا فيه تفصيل. فإن قال له السائل: أريد (¬٣) حكم الله في هذه المسألة، أو أريد الحقَّ، أو ما يخلِّصني ونحو ذلك= لم يسعه إلا أن يجتهد له في الحق، ولا يسعه أن يفتيه بمجرَّد تقليد غيره، من غير معرفة بأنه حق أو باطل. وإن قال له: أريد أن أعرف في هذه النازلة قول الإمام ومذهبه، ساغ له الإخبار به، ويكون ناقلًا له، ويبقى الدَّرَك (¬٤) على السائل. فالدرك في الوجه الأول على المفتي، وفي الثاني على المستفتي.
الفائدة الحادية والثلاثون: هل يجوز للحي تقليد الميت والعمل بفتواه من غير اعتبارها بالدليل الموجِب لصحة العمل بها؟ فيه وجهان لأصحاب الإمام أحمد والشافعي. فمن منعه قال: يجوز تغيُّر اجتهاده لو كان حيًّا، فإنه كان يجدِّد النظر عند نزول هذه النازلة إما وجوبًا وإما استحبابًا، على النزاع
---------------
(¬١) ب: «بمذهب».
(¬٢) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «له».
(¬٣) في المطبوع: «أنا أريد».
(¬٤) أي التبعة.

الصفحة 101