كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

تعالى الأمرية والقدرية، وظهرت حكمته الباهرة، وتجلت للعقول الزكية المستنيرة بنور ربِّها تبارك وتعالى (¬١).
والمقصود: أن المفتي جدير بأن (¬٢) يذكر بين يدي الحكم الغريب الذي لم يُؤلَف مقدماتٍ تُؤنس به، وتدلّ عليه، وتكون توطئةً بين يديه. وبالله التوفيق.
الفائدة الثامنة: يجوز للمفتي والمناظِر أن يحلِف على ثبوت الحكم عنده، وإن لم يكن حَلِفُه موجِبًا لثبوته عند السائل والمنازع؛ ليشعر السائل والمنازع له أنه على ثقة ويقين مما قال (¬٣)، وأنه غيرُ شاكٍّ فيه. فقد تناظر رجلان في مسألة، فحلَف أحدُهما على ما يعتقده، فقال له منازعه: لا يثبت الحكمُ بحلفك، فقال: إني لم أحلف لأُثبِت (¬٤) الحكمَ عندك، ولكن لأعلمك أني على يقين وبصيرة من قولي، وأن شبهتك لا تُغبِّر (¬٥) عندي في وجه يقيني بما أنا جازم به.
وقد أمر الله [١٨٩/أ] نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أن يحلف على ثبوت الحق الذي جاء به
---------------
(¬١) وانظر: «بدائع الفوائد» (٤/ ١٥٨٢ - ١٥٨٨)، و «زاد المعاد» (٣/ ٦٠ - ٦٢).
(¬٢) في النسخ المطبوعة: «أن».
(¬٣) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «له».
(¬٤) في ك: «إذ لم أحلف لا يثبت»، فوقع تحريف في موضعين. وفي الطبعات القديمة: «ليثبت»، وأثبت في المطبوع: «لأجل تثبيت». والظاهر أن كليهما تغيير في المتن.
(¬٥) ب: «تعتبر»، وفي (ك) والنسخ المطبوعة: «تغيِّر»، وكلاهما تصحيف ما أثبت من ز. قوله: «لا تغبِّر في وجه يقيني» أي لا تؤثِّر فيه.

الصفحة 17