كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

قال: فإن قيل أليس قد امتنع من اليمين على إسقاط الشفعة بالجوار، قيل: لأن اليمين هناك عند الحاكم، والنية نية الخصم (¬١).
قلت: ولم يمنع أحمد اليمين لهذا، بل شفعة الجوار عنده مما يسوغ القول بها. وفيها أحاديث صحاح لا تُرَدّ، ولهذا اختلف قوله فيها، فمرةً نفاها، ومرةً أثبتها، ومرةً فصَل بين أن يشتركا في حقوق الملك كالطريق والماء وغيره، وبين أن لا يشتركا في شيء من ذلك فلا يثبت. وهذا هو الصواب الذي لا ريب فيه، وبه تجتمع الأحاديث. وهو اختيار شيخ الإسلام ومذهب فقهاء البصرة (¬٢)، ولا يُختار (¬٣) غيرُه.
وقد روى أحمد عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم حلفوا في الرواية والفتوى وغيرها تحقيقًا وتأكيدًا للخبر، لا إثباتًا له باليمين (¬٤).
وقد قال تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: ٢٣]. وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية [النساء: ٦٥].
وقال: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: ٩٢ - ٩٣]. وكذلك أقسم بكلامه كقوله: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: ١ - ٢]،
---------------
(¬١) في «المسائل»: «نية الحاكم».
(¬٢) انظر ما تقدم في المجلد الثاني والمجلد الثالث من هذا الكتاب.
(¬٣) ب: «نختار»، وكذا في المطبوع. ولم ينقط في (ز، ك). وفي الطبعات السابقة كما أثبت.
(¬٤) انظر: «المسائل» (ص ٩١، ٩٧).

الصفحة 29