كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
وسأله - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: إنَّ امرأتي ... وذكر من بَذائها، فقال: «طلِّقها». فقال: إنَّ لها صحبةً وولدًا. قال: «مُرْها وقُلْ لها، فإن يكن فيها خير فستفعل. ولا تضرب ظعينتَك ضربَك أمتَك». ذكره أحمد (¬١).
وسأله - صلى الله عليه وسلم - آخر فقال: إن امرأتي لا تردُّ يدَ لامس. قال: «غيِّرها (¬٢) إن شئت». وفي لفظ: «طلِّقْها». قال: إني أخاف أن تتبعها نفسي. قال: «استمتع (¬٣) بها» (¬٤).
فعورض بهذا الحديثِ المتشابهِ الأحاديثُ المحكمةُ الصريحةُ في المنع من تزويج البغايا، واختلفت مسالك المحرِّمين لذلك فيه. فقالت طائفة: المراد باللامس: ملتمِسُ الصدقة، لا ملتمِسُ الفاحشة. وقالت طائفة: بل هذا في الدوام غير مؤثر، وإنما المانع ورود العقد على زانية، فهذا هو الحرام. وقالت طائفة: بل هذا من التزام أخفِّ المفسدتين لدفع أعلاهما. فإنه لما أمر بمفارقتها خاف أن لا يصبرَ عنها، فيواقعَها حرامًا. فأمره حينئذ
---------------
(¬١) برقم (١٦٣٨٤) من حديث لقيط بن صبرة، وكذلك أبو داود (١٤٣). صححه ابن حبان (١٠٥٤)، والحاكم (١/ ١٤٨)، وابن جرير في «مسند عمر» (١/ ٤١٠).
(¬٢) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة. وأخشى أن يكون مصحفًا عن «غرِّبْها»، وهو اللفظ الوارد في «سنن أبي داود» وغيره.
(¬٣) في النسخ المطبوعة: «فاستمتع».
(¬٤) رواه أبو داود (٢٠٤٩)، والنسائي في «المجتبى» (٣٤٦٥) وفي «الكبرى» (٥٣٢١، ٥٦٢٩)، والبيهقي (٧/ ١٥٥)، من حديث ابن عباس. ضعفه أحمد كما في «الموضوعات» لابن الجوزي (٢/ ٢٧٢)، والنسائي، والبيهقي في «السنن الصغرى» (٣/ ٣٧).