كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

طريقًا من الطرق المثبتة للحقِّ إلا وفي شرعه (¬١) سبيلٌ للدلالة عليها. وهل يُظَنُّ بالشريعة الكاملة خلافُ ذلك؟
ولا نقول: إن السياسة العادلة مخالفة للشريعة الكاملة، بل هي جزء من أجزائها، وباب من أبوابها. وتسميتها «سياسة» أمر اصطلاحي، وإلا فإذا كانت عدلًا فهي من الشرع. فقد حبَس رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في تهمة، وعاقَب في تهمة لما ظهرت أمارات الريبة على المتَّهَم (¬٢). فمن أطلق كلَّ متَّهَم، وخلَّى سبيله، أو حلَّفه، مع علمه باشتهاره بالفساد في الأرض، ونَقْبِ الدور، وتواترِ السرقات ــ ولا سيما وجودُ المسروق (¬٣) معه ــ وقال: لا آخذه إلا بشاهدَي عدل، أو إقرارِ اختيارٍ وطَوعٍ= فقولُه مخالفٌ للسياسة الشرعية.
وكذلك منعُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الغالَّ من الغنيمة سهمَه (¬٤)، وتحريقُ الخلفاء الراشدين متاعَه (¬٥)، ومنعُ المسيء على أميره سَلَبَ قتيله (¬٦)، وأخذُه شطرَ
---------------
(¬١) ك: «وهي شرعه»، تصحف «في» إلى «هي»، فأثبتوا في الطبعات القديمة: «وهي شِرْعة وسبيل»، أصلحوا بزيادة الواو. وفي المطبوع: «وفي شِرْعة سبيل». والصواب ما أثبت.
(¬٢) رواه أحمد (٢٠٠١٩)، وأبو داود (٣٦٣٠)، والترمذي (١٤١٧)، والنسائي (٤٨٧٥)، من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. وصححه الحاكم (٤/ ١١٤)، والمؤلف في «الزاد» (٥/ ٥)، وحسنه الألباني في «الإرواء» (٢٣٩٧).
(¬٣) في المطبوع: «مع وجود المسروق».
(¬٤) تقدم تخريجه.
(¬٥) تقدم تخريجه.
(¬٦) تقدم أيضًا.

الصفحة 408