كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

مالك مرسلًا (¬١).
وهذا موافق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن كان الشؤم في شيء، فهو في ثلاثة: في الفرس، والدار (¬٢)، والمرأة». وهو إثبات لنوع خفي من الأسباب، لا يطلع عليه أكثر الناس، ولا يعلم إلا بعد وقوع مسبَّبه. فإن من الأسباب ما تُعلَم سببيته قبل وقوع مسبَّبه وهي الأسباب الظاهرة، ومنها ما لا تُعلَم سببيته (¬٣) إلا بعد وقوع مسبَّبه وهي الأسباب الخفية. ومنه قول الناس: فلان مشؤوم الطَّلْعة، ومدوَّر الكعب (¬٤)، ونحوه. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى هذا النوع، ولم يبطله.
وقوله: «إن كان الشؤم في شيء فهو في ثلاثة» تحقيقٌ لحصول الشؤم منها (¬٥)، وليس نفيًا لحصوله من غيرها، كقوله: «إن كان في شيء تتداوَون به شفاءٌ ففي شَرْطةِ مِحْجَم، أو شربة عسل، أو لذعةٍ بنار. ولا أُحِبُّ الكيَّ». ذكره البخاري (¬٦).
---------------
(¬١) رواه مالك (٢/ ٩٧٢) من طريق يحيى بن سعيد مرسلًا. ورواه أبو داود (٣٩٢٤)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٤٤)، والبيهقي (٨/ ١٤٠) من طريق عكرمة بن عمار. وإسناده حسن، وصححه ابن عبد البر «التمهيد» (٢٤/ ٦٨).
(¬٢) خك: «في الدار»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(¬٣) هنا في النسخ: «يعلم سببه» خلافًا لما سبق. وأثبت في المطبوع كذا في الموضعين. والصواب ما أثبتنا، وكذا في الطبعات القديمة مع تذكير الفعل.
(¬٤) من أمثال المولدين. انظر: «مجمع الأمثال» للميداني (٣/ ٣٦٦).
(¬٥) في النسخ المطبوعة: «فيها».
(¬٦) برقم (٥٦٨٣) من حديث جابر بن عبد الله. ورواه أيضًا مسلم (٢٢٠٥).

الصفحة 453