كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

يعني: بعد موته. فقال: «ذاك عمله يجري له» (¬١).
وذكر أبو داود (¬٢) أن معاذًا سأله، فقال: بم أقضي؟ قال: «بكتاب الله». قال: فإن لم أجد؟ قال: «فبسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». قال: فإن لم أجد؟ قال: «استَدِقَّ الدنيا، وعظِّم في عينك ما عند الله، واجتهِدْ رأيك، فسيسدُّدك الله بالحق»، وقوله: «استدقَّ الدنيا» أي: استَصْغِرْها، واحتَقِرْها.
[٢٦١/ب] وسأله - صلى الله عليه وسلم - دحية الكلبي، فقال: ألا أحمل لك حمارًا على فرس، فتُنْتَجَ لك بغلًا، فتركبَها؟ فقال: «إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون». ذكره أحمد (¬٣).
ولما نزل التشديد في أكل مال اليتيم عزلوا طعامَهم من طعام الأيتام وشرابَهم من شرابهم، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم (¬٤).
وسألته - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - عن قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
---------------
(¬١) رواه البخاري برقم (٧٠١٨).
(¬٢) برقم (٣٥٩٢) باللفظ المشهور، وقد تقدم. أما هذا اللفظ الوارد هنا فنقله المؤلف مع تفسيره من «جامع الأصول» (١٠/ ١٧٧) وقد أحال ابن الأثير على أبي داود، ولكن لا يوجد في المطبوع من «سننه».
(¬٣) رواه أحمد (١٨٧٩٣) من حديث دحية الكلبي. وهو منقطع بين الشعبي وبينه. ورواه أبو داود (٢٥٦٥) والنسائي (٣٥٨٠). وإسناده صحيح، صححه ابن حبان (٤٦٦٣) والنووي في «المجموع» (٦/ ١٧٨)، والحافظ في «تخرج المشكاة» (٤/ ٣٥).
(¬٤) تقدَّم تخريجه.

الصفحة 476