كتاب علم البديع

إذا كان مالي من يلقط العجم (¬1) … وحالي فيكم حال من حاك أو حجم
فأين انتفاعي بالأصالة والحجى … وما ربحت كفي من العلم والحكم؟
ومن ذا الذي في الناس يبصر حالتي … ولا يلعن القرطاس والحبر والقلم؟
ويقول من قصيدة أخرى:
جلوسي في سوق أبيع وأشتري … دليل على أن الأنام قرود
ولا خير في قوم يذل كرامهم … ويعظم فيهم نذلهم ويسود
ويهجوهم عني رثاثة كسوتي … هجاء قبيحا ما عليه مزيد
على أن حياة أبي هلال لا تعنينا فيها نحن بسبيله هنا من تتبع تاريخ علم البديع، وإنما هي نبذة ترينا في هذه الدنيا حظوظ بعض من يوالون العلم وينقطعون له، ولا يسمحون لأنفسهم أن يتاجروا فيه، أو يقايضوا عليه بأي ثمن!
ولكنّ ما يعنينا هنا ونحن نتتبع تاريخ علم البديع وتطوره هو «كتاب الصناعتين- الكتابة والشعر» لأبي هلال العسكري، والذي جعله عشرة أبواب مشتملة على ثلاثة وخمسين فصلا في 462 صفحة.
وغايتنا من كتاب الصناعتين لا تنصب عليه كله، وإنما هي تنصب على الباب التاسع (¬2) منه، وهو الباب الذي عقده «لشرح البديع والإبانة عن وجوهه وحصر أبوابه وفنونه». وهذا الباب يشتمل على خمسة وثلاثين فصلا، تشغل من حيز الكتاب نحو ربعه.
وقبل الشروع في الكلام على ما أورده أبو هلال العسكري في الباب
¬__________
(¬1) العجم بالتحريك: النوى نوى التمر والنبق، يريد أن ماله يشبه مال من يلقط النوى للقوت. والغرض من التشبيه هنا بيان المقدار، أي للدلالة على مقدار ماله.
(¬2) انظر كتاب الصناعتين ص 266 - 430.

الصفحة 21