كتاب علم البديع

ديوان كامل سماه «اللزوميات» أتى فيه بالجيد الذي يحمد، والرديء الذي يذم.
ومن شعره الذي التزم في قافيته ما لا يلتزم قوله:
أرى الدنيا وما وصفت ببر … إذا أغنت فقيرا أرهقته
إذا خشيت لشر عجلته … وإن رجيت لخير عوقته
حياة كالحبالة ذات مكر … ونفس المرء صيدا أعلقته
فلا يخدع بحيلتها أريب … وإن هي سورته ونطقته
أذاقته شهيا من جناها … وصدت فاه عما ذوقته
فاللزوم هنا في الهاء والتاء والقاف.
ومنه أيضا قوله:
تنازع في الدنيا سواك وماله … ولا لك شيء بالحقيقة فيها
ولكنها ملك لرب مقدر … يعير جنوب الأرض مرتد فيها
ولم تحظ من ذاك النزاع بطائل … من الأمر إلا أن تعد سفيها
فيا نفس لا تعظم عليك خطوبها … فمتفقوها مثل مختلفيها
تداعوا إلى النزر القيل فجالدوا … عليه وخلوها لمغترفيها
وما أمّ صلّ أو حليلة ضيغم … بأظلم من دنياك فاعترفيها (¬1)
تلاقي الوفود القادميها بفرحة … وتبكي على آثار منصرفيها
فأطبق فما عنها وكفا ومقلة … وقل لغوي القوم: فاك لفيها (¬2)
¬__________
(¬1) فاعترفيها: أي فاسأليها أيتها النفس، وربما وضعوا اعترف بمعنى عرف، وعلى هذا يكون المعنى فاعترفيها: أي اعرفي حقيقة دنياك يا نفس.
(¬2) فاك لفيها: كلمة تستعملها العرب عند الدعاء بالمكروه والشماتة، وأصل ذاك أن السباع إذا تهارشت صرفت أفواهها بعضها لبعض.

الصفحة 237