كتاب علم البديع

فاللزوم هنا في الهاء والياء والفاء، وقد التزم مع حرف الروي بحرفين.
ويجدر التنبيه هنا إلى الفرق بين لزوم ما يلزم ولزوم ما لا يلزم في القوافي. فمن باب لزوم ما يلزم قول الشاعر:
في شعاب النسيان أفردت وحدي … فعبرت الأيام حيا كميت
أجد الغدر والعقوق من النا … س وألقى الظلام في عقر بيتي
والعذاب الروحي في ليلي الدا … ئم أورى دمي وأنضب زيتي
فتعالي ... وفي يديك انطلاق … من فجاج النسيان أما أتيت
فحرف القافية هنا هو التاء والياء قبلها حرف ردف يلتزم به الشاعر في جميع أبيات القصيدة والعدول عنه إلى أي حرف آخر كأن يقول مثلا «حضرت» بدل «أتيت» يعد عيبا في القافية.
أما في لزوم ما لا يلزم، كما هو الشأن في قوافي الأبيات السابقة لكثير عزة، وابن الزبير الأسدي والمعري، فاللازم هو حرف القافية فقط، أما ما عداه مما ألزم الشاعر به نفسه حرفا كان أو أكثر فهذا يجوز للشاعر أن يلتزمه أو يعدل عنه ولا يعد في الوقت ذاته عيبا من عيوب القافية.
فلو التزم الشاعر حرف الراء مثلا قبل القافية في قصيدة بعض كلمات قافيتها مثل «شرق، وفرق وبرق» فإنه يجوز له أن يبقى على هذا الالتزام، كما يجوز له أن يعدل عنه ويقول: «شرق، وسبق، وخلق» دون أن يعد ذلك عيبا في القافية.
...

ولزوم ما لا يلزم هو، كما يقول ابن الأثير، من أشق هذه الصناعة مذهبا وأبعدها مسلكا، وذلك لأن مؤلفه يلتزم ما لا يلزمه. فإن اللازم في

الصفحة 238