كتاب علم البديع

الأخرى كان أيضا شعرا مستقيما من وزن آخر على عروض، وصار ما يضاف إلى القافية الأولى للبيت كالوشاح.
والتشريع لا يكاد يستعمل في الكلام المنثور المسجوع إلا قليلا وليس من الحسن في شيء! واستعماله في الشعر أحسن منه في الكلام المنثور. ومن أمثلته شعرا قول بعضهم:
أسلم ودمت على الحوادث مارسا … ركنا ثبير أو هضاب حراء
ونل المراد ممكنا منه على … رغم الدهور وفز بطول بقاء
فهذان البيتان من وزن «الكامل» التام المؤلف من «متفاعلن» مكررة ست مرات وقافيتهما الهمزة. فإذا أسقطنا من كل بيت تفعيلتين فإن البيتين ينتقلان إلى مجزوء الكامل ويصيران:
أسلم ودمت على الحوا … دث مارسا ركنا ثبير (¬1)
ونل المراد ممكنا … منه على رغم الدهور
وقد استعمل ذلك الحريري في قصيدة كاملة معروفة في مقاماته منها:
يا خاطب الدنيا الدنيّة إنها … شرك الردى وقرارة الأكدار
دار متى ما أضحكت في يومها … أبكت غدا بعدا لها من دار
فالقصيدة التي منها هذان البيتان من وزن الكامل التام أيضا والقافية الراء، فإذا أسقطنا هنا تفعيلتين صار البيتان من مجزوء الكامل والقافية الدال هكذا:
¬__________
(¬1) ثبير: الجبل المعروف عند مكة، وحراء: جبل بمكة فيه غار، وكان الرسول قبل أن يوحى إليه يأتيه ويخلو بغاره فيتحنث فيه، أي يتعبد لله.

الصفحة 242