كتاب علم اللغة

السابقة جميعًا, وتحتاج إليها هذه الفروع في تفسير ظواهرها وتعليلها، ولذلك لا يكاد يخلو منها مبحث من مباحث اللغة.
غير أن علماء النفس قد وجهوا لهذه البحوث قسطًا كبيرًا من عنايتهم، وجعلوها موضوع فرع مستقل من علمهم سموه "علم النفس اللغوي" "Paychologie du Langage" وتوفر على دراسته عدد كبير من أعلامهم، فبلغوا به درجة راقية من النضج والكمال, وقد تأثر بهم عدد كبير من علماء اللغة أنفسهم، فأفردوا لهذه الموضوعات دراسة خاصة.
بقي من البحوث اللغوية ما يسمونه "الفيلولوجيا" "Philologie" وهو بحث غير محدد النطاق ولا متميز الحدود؛ وذلك أن مدلول هذه الكلمة قد اختلف كثيرًا باختلاف العصور وباختلاف الأمم, ولا يزال العلماء يختلفون في فهمها وإطلاقها.
فأحيانًا تطلق ويراد بها ما يشمل معظم البحوث السابقة. -ويكاد يتعين هذا المعنى إذا وصفت بما يدل على عموم بحوثها؛ فقيل مثلًا: "فيلولوجيا قارنة" "Phiologie comparee".
وأحيانًا تطلق ويراد بها دراسة لغة أو لغات؛ من حيث قواعدها وتاريخ أدبها ونقد نصوصها1.
وأحيانًا تطلق ويراد بها دراسة الحياة العقلية ومنتجاتها على العموم في أمة ما أو في طائفة من الأمم.
وهي بمعنييها الأخيرين ترادف ما نسميه أدب اللغة وتاريخ أدبها.
__________
1 كانت إذا أطلقت في عصر إحياء العلوم لا تنصرف إلّا إلى دراسة اللغتين الإغريقية واللاتينية دراسة قواعد وأدب, ولكن الآن لا تفيد هذا المعنى إلّا إذا قيدت؛ فقيل: "فيلولوجيا كلاسيكية". "Phil. Classique".

الصفحة 14