كتاب علم المعاني

قبله، نحو قوله تعالى: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، فجملة قوله تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ تشتمل على معنى الجملة السابقة: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي وقد عقب بها عليها توكيدا لمعناها. وإذا تأملنا جملة التذييل وهي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وجدناها مستقلة بمعناها لا يتوقف فهمها على فهم ما قبلها. ومن أجل ذلك يقال لهذا النوع من الإطناب بالتذييل إنه «جار مجرى المثل».
ومنه أيضا قوله تعالى: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً، فجملة إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً تعقيب على الجملة السابقة تشتمل على معناها توكيدا لها، وهي في الوقت ذاته مستقلة بمعناها لا يتوقف فهمها على فهم ما قبلها. ولهذا يقال إنها إطناب بالتذييل جار مجرى المثل.
ومما ورد شعرا من هذا النوع قول إبراهيم بن المهدي في رثاء ابنه:
تبدل دارا غير داري وجيرة … سواي، وأحداث الزمان تنوب
فجملة «أحداث الزمان تنوب» إطناب بالتذييل جار مجرى المثل، لأنه كلام مستقل بمعناه ومستغن عما قبله.
ومنه قول الشاعر:
فإن أك مقتولا فكنت أنت قاتلي … فبعض منايا القوم أكرم من بعض
فالشطر الثاني من البيت جاء تأكيدا للأول لاشتماله على معناه، وهو في ذات الوقت كلام مستقل بمعناه ومستغن عما قبله في فهمه، ولهذا فهو إطناب بالتذييل جار مجرى المثل.
ومنه قول أبي نواس:
عرم الزمان على الذين عهدتهم … بك قاطنين وللزمان عرام (¬1)
¬__________
(¬1) عرم الزمان بفتح الراء: اشتد وشرس بكسر السين، والعرام بضم العين: الشدة والشراسة والأذى.

الصفحة 198