كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 2)

(7) باب فى وضوء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18 - (235) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى ابْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الأَنْصَارِىِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ: قِيلَ لَهُ: تَوَضَّأْ لَنَا وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَدَعَا بِإِنَاء. فَأكْفَأَ مِنْهَا عَلَى يَدَيْه، فَغَسَلَهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله فى حديث عبد الله بن زيد (¬1): " توضأ لنا وضوءَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": المُعَلِّمُ للوضوء والمتَعلِّمُ إذا نوى بذلك رفعَ الحدث أجزأهُ، فإن لم ينوه لم يُجزئه عند كل من يشترط النيَّة، وكذلك التيممُ على الأصل من اختلافهم فى النية فيه. [قوله] (¬2): " فدعا بإناءٍ فأكفأ منها على يديه ": أى أمالَه.
وقوله: " فغسلهما ثلاثًا ": حجةٌ لابن القاسم فى اختياره فى غسل اليدين الإفراغ عليهما جميعاً، وبيانٌ لرواية مالك فى الموطأ فى قوله: " فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين مرتين " (¬3) ورَدٌّ لتأويل من تأوَّل بقوله: مرتين مرتين، إفراد كل يدٍ بالإفراغ، وهى رواية أشهب عن مالك (¬4) أنه استحب أن يُفرغ على يده اليمنى فيغسلها ثم يدخلها، ويَصبُّ بها على يُسْرَاه ولا حجة بهذه الرواية التى فى الموطأ لهذا المذهب، لأنه قال فيها: " فأفرغ على يديه "، ولم يقل على يده اليُمنى وحدَها، وقد اختلفت فيه رواية البخارى والرواية عنه، فروى عنه: " على يده " (¬5)، وروى: " على يديه " (¬6) وذكر ثلاثاً وذكر مرتين.
قال الإمامُ: اختُلف فى غسل اليد قبل إدخالها [فى] (¬7) الإناء عند الوضوء، هل ذلك عبادةٌ أو مُعَلَّلٌ بالنظافة؟ فاحتج من قال: عبادةٌ بقوله: " ثلاثًا " قالوا: ولو كانت علته النظافة ما احتج إلى التكرار إذ [ذلك] (¬8) يحصل فى مرةٍ واحدة. وهذا الذى قالوه مثل ما احتج به أصحابُنا على الشافعى فى غسل الإناء من ولوغ الكلب، وأنه لو كان من النجاسة لأجزأت المرَّة (¬9)، واحتج من قال: إنهُ مُعَلَّلٌ بالنظافةِ بقوله:
¬__________
(¬1) باب فى وضوء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(¬2) ساقطة من ت.
(¬3) لفظ الموطأ: " فأفرَغ على يده فغسل يديه مرتين مرتين ".
(¬4) راجع فتح القدير 1/ 16، الشرح الصغير 1/ 121، بداية المجتهد 1/ 10.
(¬5) فى الوضوء، ب غسل الرجلين إلى الكعبين.
(¬6) سبق فى ب صفة الوضوء وكماله برقم (4).
(¬7) و (¬8) من المعلم.
(¬9) حجة غير قائمة أمام قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا شرب الكلبُ فى إناء أحدكم فليغسله "، فذهب الشافعى، والأصحاب إلى أن الكلب بهذا نجسٌ، وإنما وردت العبادة فى غسل نجاسته سبعاً تعبداً، وتحصيل =

الصفحة 24