أحاديث قصر الصلاة
قال الإمام: قول عائشة - رضى الله عنها -: " فرضت الصلاة ركعتين " الحديث، اختلف فى القصر فى السفر، فقال إسماعيل القاضى: هو فرض، وقال ابن سحنون: القياس فيمن أتم فى السفر أن يعيد أبداً، وقال غيرهما من الفقهاء: الغرض التخيير بين القصر والإتمام، واختلف هؤلاء أيهما أفضل؟ فقال بعضهم: القصر أفضل، وهو قول الأَبْهرِىَّ من أصحابنا (¬1)، وبلَّغَه غيره من أصحابنا فى الفضل إلى رتبة السنن. وقال الشافعى: الإتمام أفضل، ويحتج من قال: إن القصر فرض (¬2)، بحديث عائشة المتقدم، ويصح الانفصال عنه بأن يقال: يحتمل أن [يريد] (¬3) بقولها: " فرضت الصلاة ركعتين " أى: قدرت، ثم تركت صلاة السفر على هيئتها فى المقدار لا فى الإيجاب. والفرض فى اللغة يكون بمعنى التقدير، ويحتج من قال إنه ليس بفرض: بقول الله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} (¬4). [ولا] (¬5) يقال فى الواجب (¬6): لا جناح عليكم أن تفعلوا ذلك.
قال القاضى: ذكر مسلم حديث إتمام عائشة، وإتمام عثمان، واختلف الناس فى تأويل فعلهما، وقد قال عروة: تأولت عائشة [ما] (¬7) تأوَّل عثمان، وأشبه ما يقال فى
¬__________
(¬1) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمى الأبهرى، المالكى، نزيل بغداد وعالمها، حدَّث عنه الدارقطنى وأثنى عليه فقال: هو إمام المالكية، إليه الرحلة من أقطار الدنيا، ثقة، مأمون، زاهد، ورع، توفى سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. ترتيب المدارك 4/ 466، سير 16/ 332.
(¬2) فى جميع نسخ الإكمال: فضل، والمثبت من ع.
(¬3) من ع.
(¬4) النساء: 101.
(¬5) فى ت: وليس.
(¬6) فى ت: الفرض.
(¬7) من ت.