كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 3)

الرَّجُلُ. فَقَالَ خَالِدٌ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: " لا لعَلهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلّى ". قَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا ليْسَ فِى قَلبِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّى لمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلوبِ النَّاسِ، وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ ". قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِليْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ، فَقَالَ: " إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضَئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلونَ كَتَابَ اللهِ رَطْبًا لا يُجَاوِزُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأنه خاطبه خطاب المواجهة بمحضر الملأ، حتى استأذن عمر وخالد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى قتله، فقال: " معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه "، فهذه هى العلة، وسلك فيها مسلكه مع غيره من المنافقين الذين آذوه وسمع منهم فى غير موطن ما كرهه، لكنه صبر وحلم استبقاءً وتأليفاً لغيرهم، ولئلا يتحدث أنه يقتل أصحابه. وقد رأى الناس هذا الصنف فى جماعاتهم وعدوه [من جملتهم] (¬1)، وقد أشبعنا الكلام على هذا الفصل وعلى خطايا الأنبياء والكلام فى تنقصهم، وتكفير قائله، فى القسم الرابع من كتابنا المسمى بالشفاء، وتقصيناه غاية التقصى مما لا مزيد عليه.
وما جاء فى أحد الأحاديث أن عمر استأذن فى قتله، وفى الآخر ذكر ذلك عن خالد ابن الوليد، فليس بخلاف وقد بيّنه فى الحديث الآخر أنهما هما استأذنا فى ذلك أحدهما بعد الآخر.
وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذا القائل: " خبت وخسرت إن لم أعدل ": رويناه بضم التاء فيهما وفتحهما.
قال الإمام: فأما الضم فظاهر المعنى، وأما الفتح فتقديره: خبت أنت وخسرت إن لم أعدل أنا إذ كنت أنت مقتدياً بى وتابعاً لى.
وقوله: " يخرج من ضئضئ هذا "، قال القاضى: قيل: بهذا اللفظ سموا خوارج، وقيل: بل لخروجهم عن الجماعة، وقيل: بل لخروجهم عليها، كما سموا مارقة من قوله: " يمرقون من الدين " وروايتنا فى هذا الحرف بالمعجمة عن أكثرهم، وفى كتاب ابن عيسى معاً بالضاد المعجمة والصاد المهملة.
قال الإمام: الأصل ويقال - أيضاً -: بصادين مهملتين، والمعنى واحد، والأصل أسماء كثيرة، منها: النجار، والنحاس، والنسخ، [والمحَيْدَ] (¬2)، والعنصر، والعيص وغير ذلك، مما حكى عامتها أبو على القالى فى كتاب (¬3) الأمالى.
وقوله: " وهو مُقَفّ ": أى موَلّ ذاهب.
¬__________
(¬1) سقط من س.
(¬2) من ع.
(¬3) فى س: كتابه.

الصفحة 608