كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 4)

(8) باب بيان أن الدخول فى الصوم يحصل بطلوع الفجر وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر. وبيان صفة الفجر الذى تتعلق به الأحكام من الدخول فى الصوم ودخول وقت صلاة الصبح، وغير ذلك
33 - (1090) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬1)، قَالَ لَهُ عَدِىُّ بْنُ حَاتِمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِى عِقَالَيْنِ: عِقَالاً أَبْيَضَ وَعِقَالاً أَسْوَدَ، أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِن وِسَادَتَكَ لَعَريِضٌ، إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: فى حديث عدى: لما نزلت: " {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} الآية، جعلت [تحت] (¬2) وسادتى عقالاً أبيض وعقالاً أسود ": العقال ما يربط به الإبل من حبال من شعر أو غيره، وفعل من فعل ذلك، وتأوله على قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْودِ مِنَ الْفَجْرِ} حتى نزلت: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أن المراد به الليل والنهار، ليس أن هذا كان الشرع أولاً، ثم نسخ ذلك بقوله: {مِنَ الْفَجْر} على ما أشار إليه الطحاوى والداودى أثناء كلامهما، إنما المراد بفعل ذلك، وتأويله ممن لا علم عنده، ولا فقه من الأعراب، أو من لم يكن فى لغته استعمال الخيط فى الليل والنهار، إذ لا يصح تأخير البيان عن وقت الحاجة، ألا ترى إنكار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك على عدى [وقوله] (¬3): " إن وسادك لعريض، إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار ".
وفيه وجوب التوقف عند الألفاظ المشتركة وطلب البيان فيها، وأنها لا تحمل على أظهر وجوهها، وأكثر (¬4) استعمالاتها إلا عند عدم البيان فيها، وقد كان البيان عتيداً بوجود النبى - عليه السلام - قال أبو عُبيد: الخيط الأبيض: الفجر الصادق، والخيط الأسود: الليل، والخيط: اللون، ففى هذا وفى قوله: " سواد الليل وبياض النهار " دليل أن ما بعد الفجر من النهار.
وقوله: " إن وسادَك لعريض " لقوله: أجعل تحت وسادتى عقالين، أى إن جعلت
¬__________
(¬1) البقرة: 187.
(¬2) ساقطة من س.
(¬3) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.
(¬4) فى س: ولا أكثر.

الصفحة 25