كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 4)

(13) باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب
75 - (1109) حدَّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَ - يَقُصُّ، يَقُولُ فى قَصَصِهِ: مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ - لأَبِيهِ - فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - فَسَأَلَهُمَا عَبْدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وذكر مسلم حديث أبى هريرة: " من أدرك الفجر وهو جنب فلا يصم "، قال الإمام: شذ بعض الناس فأخذوا بظاهر هذا، ورأوا أن صوم الجنب لا ينعقد. وقد أشار فى كتاب مسلم إلى رجوع أبى هريرة - عن ذلك، وأرسل الحديث أولاً، ثم أسنده لما قيل له، وأحال على الفضل بن عباس.
فإن قيل: كيف وجب رجوعه عن ذلك ولم قال بخلافه، ولم أخذ جماعة العلماء بخلاف هذا الحديث إلا رجلاً أو رجلين فإنهما شذا، مع [أن] (¬1) أبا هريرة رواه عن الفضل ابن عباس؟ قلنا: قد عارضه ما ذكر فى الحديث عن عائشة وأم سلمة - رضى الله عنهما - وأنه - عليه السلام - كان يصبح جنباً من غير حلم ثم يصوم وأشار فى الحديث إلى أن أبا هريرة لما سمع هذا عنهما اعتذر بما اعتذر وهذا فعل منه - عليه السلام - والأفعال تقدم قبل (¬2) الأقوال عند بعض الأصوليين، ومن قدم منهم الأقوال (¬3) فإنه يرجح هاهنا الفعل لموافقة ظاهر القرآن؛ لأن الله - سبحانه - أباح المباشرة إلى الفجر، وإذا كانت النهاية إلى الفجر فمعلوم أن الغسل إنما يكون بعد الفجر إذا (¬4) كان الجماع مباحاً إليه. فاقتضى هذا صحة صوم من طلع عليه الفجر (¬5) وهو جنب، فلما طابق ظاهر القرآن فعله - عليه السلام - قدم على ما سواه، وقد قيل: إن ما رواه أبو هريرة محمول على أن ذلك كان فى أول الإسلام؛ لما كانوا إذا ناموا حرم عليهم الجماع، فلما نسخ ذلك نسخ ما تعلق به.
¬__________
(¬1) فى هامش الأصل.
(¬2) فى ع: على.
(¬3) فى س: القول.
(¬4) فى س: إذ.
(¬5) فى ع: الفجر عليه.

الصفحة 47