(24) باب كراهة صيام يوم الجمعة منفرداً
146 - (1143) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ؛ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - وَهُو يَطُوفُ بِالْبَيْتِ: أَنَهَى رَسُولُ اللهِ ص عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ.
(...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " نهى عن صيام يوم الجمعة "، وفى الحديث الآخر: " لا تخصوا يوم الجمعة بصيام إلا أن يكون فى صوم يصومه أحدكم "، وفى الآخر: " إلا أن يصوم قبله أو بعده "، قال الإمام: قال مالك فى موطئه: لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه ومن يُقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسنٌ، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأراه كان يتحراه (¬1).
[قال الإمام] (¬2): ذكر بعض الناس أن الذى كان يصومه ويتحراه أنه محمد بن المنكدر، قال الداودى: لم يبلغ مالكاً هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه.
قال القاضى: أخذ بظاهر الحديث الشافعى، ولعل قول مالك إليه يرجع لأنه إنما قال: وصومه حسنٌ، ومذهبه معلوم فى كراهة تخصيص يومٍ ما بالصوم، وهذا محتمل من معنى ما جاء فى الحديث: لا تخصوه بصيام، عند بعضهم، وإنما حكى مالك عمن حكى صومه، وظن أنه كان يتحراه، ولم يقل مالك: إنى أرى هذا ولا أحبه، أعنى يجزئه، فيحتمل أنه مذهبه. قال المهلب: ووجه النهى عنه خشية أن يستمر عليه فيفرض، أو خشية أن يلتزم الناس من تعظيمه ما التزمه اليهود والنصارى فى سبتهم وأحدهم من ترك العمل، وأنه (¬3) يرجع نهيه عن اختصاص قيام ليلتها، وقد أشار الباجى (¬4) إلى أن مذهب مالك هذا يحتمل قولة له أخرى فى صيام يوم الجمعة فوافق الحديث، وقال الداودى فى كتاب النصيحة ما معناه: إن النهى إنما هو عن تحريه واختصاصه دون غيره، وأنه متى صام مع صومه يومًا غيره (¬5) فقد خرج عن النهى؛ لأن ذلك اليوم قبله أو بعده، إذ لم
¬__________
(¬1) الموطأ، ك الصيام، ب جامع الصيام 1/ 311 بنصه.
(¬2) من س.
(¬3) فى س: وإليه.
(¬4) المنتقى للباجى 2/ 76.
(¬5) فى س: آخر.