كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أبو عبد الله بن أبى صفرة فيما حكاه عنه المهلب أخوه، وقال: رواها محمد بن يحيى عن عبد الرزاق، عن معمر، وقال: فقال له النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خيراً ولم يصل عليه " (¬1). ومحمد ابن يحيى أضبط من محمد بن غيلان، الذى روى الزيادة عنه عن عبد الرزاق عن معمر البخارى، قال: وتابع محمد بن يحيى ونوح بن حبيب، رواه عنهما النسائى.
قال القاضى - رحمه الله -: وكذا رواه عبد الرزاق عن الحسن بن على ومحمد بن المتوكل. وهذه الأحاديث - فى أنه لم يصل - خرجها النسائى وأبو داود والترمذى وغيرهم (¬2). وما أرى ترك مسلم حديث محمد بن غيلان إلا لمخالفة هو له، مع أن مسلماً وغيره قد خرجوا حديث أبى سعيد، وفيه: " فما استغفر له ولا سبه "، وأين هذا من الصلاة عليه؟ قيل: يحتمل ذكر الصلاة على المرأة والصلاة على ماعز الدعاء لهما - والله أعلم - أو أضافت الصلاة إليه إذ أمر بها.
قال الإمام - رحمه الله -: خرج مسلم فى هذا الحديث عن محمد بن العلاء، عن يحيى بن يعلى بن الحارث، عن غيلان - وهو ابن جامع. هكذا فى نسخة ابن العلاء وغيره، والصواب ما فى نسخة الدمشقى: عن يحيى بن يعلى، عن أبيه، عن غيلان، وهو الصواب. قد نبه عليه عبد الغنى على الساقط من هذا الإسناد فى نسخة أبى العلاء. ووقع فى كتاب الزكاة من السنن لأبى داود: نا عثمان بن أبى ليلى، نا يحيى بن يعلى، نا أبى، نا غيلان، عن جعفر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّة} الآية (¬3). فهذا السند يشهد بصحة ما تقدم. قال البخارى فى تاريخه: يحيى بن يعلى سمع أباه وزائدة بن قدامة (¬4).
قال القاضى - رحمه الله -: فى حديث ماعز والغامدية - حين قال كل واحد له منهما: طهرنى -: " ارجع فاستغفر الله ": دليل على وجوب الستر على المسلم، وأن السؤال والاستفسار عن اللفظ المبهم فى شكل هذا غير واجب، بل قال فيه بعضهم: إنه لا يحل لأنه من باب التجسس وكشف المسلم. والنبى - عليه السلام - قد ردهما ولم يستفسرهما حتى ألحّا وصرحت الغامدية. وفيه أن الحد لا يجب إلا بالتصريح البين، لا بالكناية واللفظ المبهم والمحتمل.
¬__________
(¬1) النسائى فى الكبرى، ك الرجم، ب ذكر الاختلاف على الزهرى فى حديث ماعز 4/ 280 برقم (7176).
(¬2) انظر: السابق، وأبو داود، ك الحدود، ب رجم ماعز بن مالك 2/ 457، الترمذى، ك الحدود، ب ما جاء فى درء الحد عن المعترف إذا رجع 4/ 36 برقم (1429).
(¬3) التوبة: 34. والحديث فى أبى داود، ك الزكاة، ب فى حقوق المال 1/ 385 برقم (1664).
(¬4) البخارى فى التاريخ 8/ 311 (3139).

الصفحة 524