كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 5)

(6) باب رجم اليهود، أهل الذمة، فى الزنى
26 - (1699) حدّثنى الْحَكَمُ بْنُ موُسَى أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ ناَفِعِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِىَ بِيَهُودِىٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ يَهُودَ. فَقَالَ: " مَا تَجِدُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله فى حديث اليهوديين اللذين زنيا، وأنه - عليه السلام - رجمهما، قال الإمام - رحمه الله -: من الناس من يقول: إن إحصان الكافر يعد إحصاناً وتعلق بهذا الحديث، ومالك لا يراه إحصاناً، ويحمل هذا على أنه لم تكن له ذمة، فكان دمه مباحاً. ولكنه يعرض على هذا عندى برجمه للمرأة، ولعله يقول: كان هذا قبل النهى عن قتل النساء.
قال القاضى - رحمه الله -: وقيل فى رجم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليهوديين لأنهم هم تحاكموا إلينا، وطلبوا ذلك منا؛ بدليل قوله فى الموطأ: " جاءت اليهود إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكروا له أنَّ رجلاً منهم وامرأة زنيا (¬1) فعندنا أنهم إذا أتوا هكذا أن الحاكم مخير، إن شاء حكم بينهم وإن شاء لم يحكم. فإن حكم حكم بحكم الإسلام، ذلك برأى المحكوم عليه منهما ورأى أساقفتهم ورهبانهم، وهو دليل قوله: " جاءت اليهود ". فى غير الام: أن أحبارهم أمروهم بذلك، ويتخير الحاكم فى الحكم بينهم، قاله الشافعى وجماعة من السلف، وحجتهم قوله تعالى: {فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُم} (¬2). وقال أبو حنيفة. يحكم بينهم بكل حال، وقاله جماعة من السلف، وهو قول الزهرى وعمر بن عبد العزيز، وروى عن ابن عباس والحكم وأحد قولى الشافعى (¬3).
ثم اختلف أصحابنا وأصحاب أبو حنيفة، هل يحكم بين المتحاكمين منهم بمجىء أحدهما؟ أو حتى يجيئا معاً؟ أو حتى يعلمهما بما يحكم به ويرضيان به وقال الشافعى - أيضاً -: لا يحكم بينهم فى الحدود وحكم النبى بما حكم عليهما يحتمل أنه بحكم دينهما، وأنه لم يكن بعدُ نزل حكم الزنا عليهم، وكذلك قال بعض العلماء، قال: ولا يتفق لنا نحن اليوم بذلك. وقال بعض أصحابنا، ويدل عليه قوله فى غير مسلم (¬4) حين قدم
¬__________
(¬1) انظر: مالك فى الموطأ، ك الحدود، ب ما جاء فى الرجم 2/ 819.
(¬2) المائدة: 42.
(¬3) انظر: الاستذكار 24/ 12 وما بعدها.
(¬4) أبو داود، ك الحدود، ب فى رجم اليهوديين 2/ 463.

الصفحة 529