كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضرب بكل واحدة منهما عدداً حتى أكمل بهما أربعين، وفصل عمر وأبو بكر وحد على الوليد بمحضر عثمان أربعين. واختلاف رأى على فى فعله يدل أنه لم يكن من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى ذلك لا يخالف.
ثم اتفقوا على إقامة الحد على شارب القليل من خمر العنب وكثيره، سكر أو لم يسكر. وعلى حد من سكر من كل سكر. واختلفوا فى حد من شرب ما لا يسكر منه من غير خمر العنب، فجمهور السلف والعلماء على تسوية ذلك كله، والحد من قليله وكثيره لتحريم قليله وكثيره. وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجلد حتى يسكره وإن شربه ما لم يبلغ السكر، وعنهم - أيضاً - مثله فى مطبوخ العنب المُسْكر، وخمر التمر عند بعضهم كخمر العنب (¬1). وقال أبو ثور: يجلد من يرى تحريمه ولا يجلد من يرى تحليله، ويتأول فى ذلك. وقد مال إلى هذا التفريق بعض شيوخنا المتأخرين، وإجماع المسلمين منعقد على تحريم خمر العنب النيئ، قليله وكثيره.
وضربه بالجريد والنعال يدل على تخفيف حد الخمر، وإلى هذا ذهب الشافعى؛ أنه لا يكون الحد [إلا] (¬2) بمثل هذا إلا بالسوط. وعند مالك وغيره: الضرب فيه بسوط بين سوطين، وضرب بين ضربين، والحدود كلها سواء. وعند الزهرى والثورى وإسحاق وأحمد والشافعى: أن الخمر أخف الحدود (¬3). وقال الليث كقول مالك. وقال آخرون: ضرب التعذير أشد، ثم ضرب الزنا، ثم ضرب الخمر، ثم ضرب القذف (¬4). وأجاز بعض أصحابنا فى المدمنين عليه التغليظ بالفضيحة والطواف والسجن.
وقوله: " بجريدتين نحو أربعين ": لا خلاف بين العلماء أنه لا يجزئ ضرب بسوطين، أو بسوط له رأسان فى حد الصحيح، أو سياط مجموعة، ويحسب أعداد ذلك. واختلفوا فى المريض الذى لا يرجى برؤه، فذهب مالك والكوفيون وجمهور العلماء إلى أنه لا يجزئ فيه إلا ما يجزئ فى الصحيح، ويترك حتى يبرأ أو يموت. قال الشافعى: يضرب ضربة بعكول نخل يصل جميع شماريخها إليه، وما يقوم مقامه، على ما جاء فى حديث مخدج. وقد روى عن على أنه ضرب الوليد بسوط له رأسان أربعين، وهذا يدل على أنه لم يحسب إلا كسوط واحد؛ لأنه إنما حده أربعين. هذا يدل على أنه لم يحسب على ما جاء فى الحديث. وذكر فى الحديث أن عبد الرحمن بن عوف هو الذى أشار على
¬__________
(¬1) المغنى 12/ 496، 497، الاستذكار 24/ 274 وما بعدها.
(¬2) غير مفهومة فى هذا السياق.
(¬3) انظر: الحاوى 13/ 435.
(¬4) انظر: الاستذكار 24/ 91، 92.

الصفحة 542