كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

122 - (2228) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قاَلَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله فى الحديث الآخر: إنهم يحدثونا بالشىء فنجده حقاً، قال: " تلك الكلمة الحق يخطفها الجنى، فيقذفها فى أذن وليه ويزيد فيها مائة كذبة ": كذا لهم، وهو الصواب. وفىِ رواية: " يحفظها "، والأول المحفوظ ونص كتاب الله، قال الله - سبحانه: {إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} (¬1).
قال الإمام: أما الكهان فهم قوم يزعمون أنهم قوم يعلمون الغيب بأمر يلقى فى أنفسهم (¬2)، وقد أكذب الشرع من ادعى علم الغيب، ونهى عن تصديقهم، وقد ذكر مسلم عن النبى - عليه السلام - وجه إصابة بعضهم فى بعض الأحايين، وأنه من استراق السمع، يسترقه ولى الكاهن من الجن ويوصله إليه.
قال القاضى: الكهانة كانت فى العرب على أربعة ضروب:
أحدهما: [أن يكون له إنسان أى من الخير] (¬3) فيخبره بما يسترق من السمع من السماء، وهذا القسم قد بطل منذ بعث الله محمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما نص الله - تعالى - فى الكتاب (¬4).
الثانى: أن يخبره بما يطرأ فى أقطار الأرض وما خفى عنه بما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده ونفت هذا كله المعتزلة (¬5) وبعض المتكلمين (¬6) وأحالوه، ولا إحالة ولا بعد فى وجود مثله، لكنهم يصدقون ويكذبون، والنهى عام فى تصديقهم والسماع منهم. الثالث: التخمين والخرز، وهذا يخلق الله منه لبعض الناس قوة ما لكن الكذب فى هذا الباب أغلب.
ومن هذا الفن العرافة، وصاحبها عراف، وهو الذى يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعى معرفتها بها (¬7)، وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن فى ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة وهذا الفن هى العيافة بالياء، وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة عندهم، ويعلمها فى أكثر كتبهم. وفى الحديث الذى ذكر مسلم: " من أتى
¬__________
(¬1) الصافات: 10. وهذا الكلام المذكور عن الكهانة مذكور قبل كتاب الكهانة وهو واضح.
(¬2) انظر: معالم السنن 4/ 225 واللسان، مادة " كهن ".
(¬3) فى ح: أن يكون للإنسان ولى من الجن.
(¬4) قوله تعالى فى سورة الجن: 8، 9، والصافات: 6 - 10.
(¬5) الملل والنحل 1/ 53.
(¬6) انظر: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ص 437.
(¬7) انظر: معالم السنن 4/ 225.

الصفحة 153