كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإنه متصل بالإنسان بكل مكان، وهو متصل بما فوقه، هكذا إلى زحل. وهذا باطل من طريقين: إحداهما: أن القوة التى يقبلها الهواء التبريد والتسخين والرطوبة واليبس. فهب أنا سلمنا لهم وقوع بعض الأمراض لتغيير الهواء بفعل زحل فيه، فلما اختص المرض بهذا الإنسان والهواء شامل؟ وما الحيلة فيما يجرى على الإنسان من غير الأمراض لضرب عنقه، أو زوال رياسته، أو ذهاب ماله؟ وهذا بعيد أن يظن أنه من قتل بغير (¬1) الهواء وأيضاً فان الكرة التى عندهم تعلو الهواء - وهى النار -: يجب إذا وصلت قوة زحل إليها أن ينقلب إلى طبيعة النار أو يتغير عن حقيقتها بمضار من قوة ثابتة مضادة لها فلا تصل القوة إلى الهواء على حالها فتفعل فيه.
وأيضاً، فإنه ما حصل لهم. أكثر من اقتران خمسين (¬2)، زعموا أنهما يؤثران فيما يحبهما (¬3)، فلو أدعى مدع أن ما تحتهما أثر فيهما، وأما الذى يكون جوابه فكون الشىء فوق أو تحت لا حظ له عندهم فى القوة الفاعلية.
ولو زعم زاعم أن بعض اتصالات الزهرة وعطارد أو الشمس أثر ما أضافوه إلى زحل أو كسب زحل قوة على التأثير، ماذا يكون جوابه؟ وليس له جواب إلا أن يقول: فإنا نشاهد هذا التأثير عند قران هذين النقلين (¬4)، سواء كان ما تحتهما على ما قلتموه، أو لم يكن. قلنا: وأنتم - أيضاً - مشاهدون هذا القران، ولا يؤثر ما يجب تأثيره عندكم. فإذا سئلتم عن هذا قلتم: كان فى البروج من الكواكب الثابتة ما أبطل فعله، فإذا أريناكم فى قران آخر تلك الصفة بعينها ولم يؤثر قلتم كان قبله من قوة الاجتماع والاستقبال ما أبطل فعله، فإذا أريناكم هذه النصبة، وأيضاً ولم يؤثر قلتم: كان طالع التحويل يمنع هذا التأثير.
فإذا أيضاً عدنا للمناقضة [قلت] (¬5): فإن برج الابتهاء منه معه كذا وكذا، ولا أقل من أنه يدعى أمراً ويذكر اتصالاً ويحيل عليه، ولا قدرة لكم على منعه منه إلا بعوائد تطرد فى تلك النصب، وهو ألا يتفق تكرره مع عدم المقادير (¬6)، وكيف يتصور تأثير الطبيعة بأن انتهاء عمر المولود كذا وكذا، وهذا لا مدخل له فى الطبيعة حتى يقدر فعلاً أو مانعاً.
وهذه الطريقة - أيضاً - تضعف طريقة الإسلاميين منهم الذين يقولون: لا خالق إلا الله عز وجل، وإنما هى دلالات على الغيوب بعادة أجراها البارى - جلت قدرته - كما أجرى الغيوم والسحب الثقيلة دلالة على الأمطار، وإن كانت ربما خانت؛ لأن ما يذكرونه
¬__________
(¬1) فى ح: قيل تغير.
(¬2) فى ح: جسمين.
(¬3) فى ح: تحتهما.
(¬4) فى ح: الثقلين.
(¬5) ساقطة من الأصل.
(¬6) فى ح: المعاذير.

الصفحة 161