كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

21 - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ ابْنِ مُنَبَّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَخْبَثهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ، رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاكِ، لا مَلَكَ إِلا اللهُ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " وأخبثه وأغيظه عليه " كذا جاءت الرواية فى جميع النسخ: " أغيظ " تكرراً فى الموضعين من الغيظ، وليس وجه الكلام، ولا شك أن فيه وهماً إما من تكريره أو من تغييره. قال بعض الشيوخ (¬1): لعل أحدهما: " أغنط " بالنون والطاء المهملة، أى أشده عليه. الغنط: شدة الكرب، وكلا اللفظين مشكل المعنى.
قال الإمام: " أغيظ " هنا مصروف عن ظاهره، والبارى - سبحانه - لا يوصف بالغيظ، وقد يريد به هاهنا معنى الغضب، وقد تقدمت الإشارة إلى معنى الغضب والرحمة، وبسطنا القول فى الطلاق (¬2) هذه التسميات والمراد ما يكون عنها على حسب ما تقدم بيانه فى مواضعه (¬3).
قال: والأسماء تكره لمعانٍ: أحدها: ما ذكر فى الحديث المتقدم فى " رباح وأفلح ". والثانى: يقبح المعنى المشتق منه كتغييره اسم عاصية بجميلة، وقد يكره أيضاً لتزكية النفس، كنهيه عن اسم برة، وتغييره اسمها، وقال: " لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم " (¬4)، فقالوا: بم نسمها؟ قال: " سموها زينب "، وفى بعض طرقه: فحول اسمها جويرية (¬5)، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة، وهذا يعود إلى المعنى الأول، فقد يكره لما فيه من التعظيم والكبر كالتسمية بملك الأملاك.
قال القاضى: مفهوم ما ذكره فى تغيير اسم برة بزينب وجويرية: أنه اختلاف فى أسم امرأة واحدة وليس كذلك، وإنما هى ثلاثة أحاديث فى ثلاث نسوة بينة فى الكتاب غير مشكلة؛ أحدهما: فى جويرية بنت الحارث، والأخرى: فى زينب بنت جحش، والثالث: فى زينب بنت أبى مسلمة، ربيبته.
وقوله: " قال سفيان مثل: شاهان شاه ": كذا روايتنا فى هذا الكتاب، وفى رواية: " شاه شاه "، قال بعضهم: قول من قال فى هذا: " شاه شاهان " بالعكس أصوب، وكذا جاء فى بعض الأخبار عن كسرى وشاه ملك، وشاهان الملوك، وكذلك يقولون فى
¬__________
(¬1) منهم: القاضى أبو الوليد الكنانى. انظر. شرح النووى 14/ 721.
(¬2) فى ح: إطلاق.
(¬3) الصحيح - وهو مذهب السلف - إثباتها بلا تأويل ولا تكييف.
(¬4) حديث رقم (19) بالباب السابق.
(¬5) سبق فى حديث رقم (16) بالباب السابق.

الصفحة 19