كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

(10) باب نظر الفجأة
45 - (2159) حدّثنى قُتَيْبَةَ بنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، كِلَاهمَا عَنْ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ، فَأَمَرَنِى أَنْ أَصْرفَ بَصَرِى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " سألته عن نظرة الفجاءة، فأمرنى أن أصرف بصرى ": الفجاءة، مهموز ممدود: ما كان من غير قصد، يقال: فجاءة الأمر وفجأه أيضاً. ومعنى: نظرة الفجاة: التى لم يقصد صاحبها تأملها والنظر إليها، فتلك معفو عنها. والنهى عنه المحرم من ذلك إدامة النظر وتأمل المحاسن على وجه التلذذ والاستحسان والشهوة؛ ولهذا قال فى الحديث: إن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعلى: " لا تتبع النظرة بالنظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الثانية " (¬1). وأمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار، كما أمرهم بحفظ الفروج، وقال - عليه السلام -: " العين تزنى " (¬2).
وفى هذا كله عند العلماء حجة أنه ليس بواجب أن تستر المرأة وجهها، وإنما ذلك استحباب وسنة لها، وعلى الرجل غض بصره عنها. وغض البصر يجب على كل حال فى أمور: كالعورات وأشباهها. ويجب مرة على حال دون حال مما ليس بعورة، فيجب غض البصر إلا لغرض صحيح من شهادة أو تقليب جارية للشراء، أو النظر لامرأة للزواج، أو نظر الطبيب، ونحو هذا.
وقد اختلف السلف من العلماء فى معنى قوله: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (¬3)، فذهب جماعة من السلف: أنه الوجه والكفان (¬4).
قال القاضى إسماعيل: وهو الظاهر؛ لأن المرأة يجب عليها أن تستر فى الصلاة كل موضع منها لا يراه الغرباء إلا وجهها وكفيها، فدل أنه مما يجوز للغرباء أن يروه وهو قول مالك. قالوا: والمراد بالزينة: مواضع الزينة، وقيل: المراد: الثياب، ولا خلاف أن
¬__________
(¬1) أبو داود، ك النكاح، ب ما يؤمر به من غض البصر 1/ 495، الترمذى، ك الأدب، ب ما جاء فى نظرة المفاجأة 5/ 94 (2777).
(¬2) أحمد 2/ 329.
(¬3) النور: 31.
(¬4) منهم: ابن عمر، وسعيد بن جبير. انظر: مصنف ابن أبى شيبة 3/ 383، التمهيد 6/ 368، تفسير الطبرى 8/ 118، تفسير ابن كثير 3/ 285.

الصفحة 37