كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

(4) باب النهى عن ابتدإء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم
6 - (2163) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أَبِى بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ح وَحَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا سَلمَ عَليْكُمْ أَهْلُ الكَتَابِ فَقُولوا: وَعَليْكُمْ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: " إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم "، وفى الرواية الأخرى: " إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم: السام عليكم، فقولوا: وعليك " وكذا فى رواية السجزى، ولغيره: " عليك " بغير واو، وفى الحديث الآخر فى رده - عليه السلام - عليهم، فقال: " قد قلت: عليكم " وفى الآخر: " وعليكم "، قال الإمام: اختيار بعض الناس فى الرد أن يقول: عليك، بغير واو (¬1)، ورأى أن إثبات الواو تفيد إثباته على نفسه حتى يصح العطف عليه، وقاله ابن حبيب من أصحابنا (¬2)، ووقع لغيره من أصحابنا إثبات الواو فى الرد، وهكذا وقع فى كتاب مسلم إثباتها إلا فى بعض طرقه فى رد النبى - عليه السلام - فإنه قال: " قلت: عليكم "، وفى بعض طرقه: " قلت: وعليكم " والانفصال عما قاله ابن حبيب أن يكون الواو للاستئناف لا للعطف والتشريك بين الأول والثانى، واستعمالهما للاستئناف كثير، فاستعملت له ها هنا.
واختار بعضهم أن يرد عليهم السلام - بكسر السين - وهى الحجارة.
قال القاضى عبد الوهاب: والأول أولى؛ لأن السنة وردت بما ذكرناه؛ ولأن الرد إنما يكون: بجنس المردود لا بغيره.
وقد تعلق بعض الناس فى إباحة لفظ السلام بقوله سبحانه وتعالى: {سَلامٌ علَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} (¬3)، وبقوله عز وجل: {وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (¬4). والجواب عن هذا: أنه لم يقصده بهذه التحية، وإنما قصد المباعدة والمتاركة؛ ولهذا قال بعض الناس فى قوله جلت [حضرته] (¬5) قدرته: {وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}: إنها منسوخة بآية السيف لما كان القصد بها المباركة.
¬__________
(¬1) منهم: سفيان بن عيينة، والخطابى. انظر: معالم السنن 5/ 384.
(¬2) المنتقى 7/ 281.
(¬3) مريم: 47.
(¬4) الزخرف: 89.
(¬5) زائدة فى الأصل.

الصفحة 48