كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

13 - (2167) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَاوَرْدِىَّ - عَنْ سُهَيْلٍ، عَن أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا تَبْدَؤُوا اليَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ، فَإِذَا لقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلى أَضْيَقِهِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سب عائشة لهم قيل: فيه الانتصار للسلطان وأهل الفضل، ووجوب ذلك على حراسهم وغيرهم من المسلمين.
وفى قول النبى - عليه السلام - لها: " إن الله يحب الرفق فى الأمر كله "، وفى الرواية الأخرى: " لا تكونى فاحشة "، وفى الأخرى: " إن الله لا يحب الفحش والتفحش ": الفاحش ذو الفحش فى كلامه، والمتفحش: المتكلف لذلك ومتعمده. قيل: ويكون المتفحش الذى يأتى الفاحشة المنهى عنها والفواحش: القبائح، والفحش من القول ما يقبح، ومن الذنوب كذلك، وقيل: الفحش: الزيادة على ما عهد من مقدار الشىء والعدوان فيه. وقد تأول ذلك الهروى فى حديث عائشة وأنه نهاها النبى - عليه السلام - عن العدوان فى الجواب، إذ لم يكن منها إليهم فحش (¬1).
قال القاضى: لا أدرى ما قال، وأى فحش فى الكلام أفحش من اللعنة وما قرنته من السب معها.
وقولها: ألا تسمع ما قالوا؟، فقال: " قد رددت عليهم دا قالوا: قد قلت: " وعليكم " إنا نجاب فيهم ولا يجابون فينا فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} (¬2): كله يبين أن النبى سمع ما قالوه مما وصفهم الله به، والله بعد قد أعلمه بذلك، وفضح تلبيسهم وتحريفهم الكلم عن مواضعه الذى قد وصفهم الله به فى الآية الأخرى (¬3).
وفيه الحض على محاسن الأخلاق وترك فحش الكلام [أحد] (¬4)، وانخداع أهل الفضل وتغافلهم عن أهل السفه، كما قيل: العاقل الفطن المتقابل (¬5)، والانتصار والمعارضة بالتى هى أحسن إذا أمكن ذلك، والصبر على أذى من ترجى فيه، ورجوعه وائتلافاً للخير، وقد كان النبى - عليه السلام - يستألف الكفار والمنافقين بالأقوال (*) الطائلة، فكيف بالكلام الحسن الظاهر.
وقوله: " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ": هذه سنة، بها أخذ عامة السلف
¬__________
(¬1) الغريبين 3/ ق: 7.
(¬2) المجادلة: 8.
(¬3) منها: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه} النساء: 46.
(¬4) فى ح: لكل واحد.
(¬5) فى ح: المتغافل.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: لعل صوابها: بالأموال، والله أعلم.

الصفحة 52