كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

(37) باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان، رضى الله عنهم
163 - (2496) حدّثنى هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِى أَبْو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَاَبِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِى أُمُّ مُبَشِّرٍ؛ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: " لا يَدْخُلُ النَّارَ، إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا ". قَالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. فَانْتَهَرَهَا. فَقَالَتْ حَفْصَة: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} (¬1). فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} (¬2) ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقول النبى - عليه الصلاة والسلام -: " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد " على معنى القطع لهم بذلك، بدليل قوله بعد: " لا يدخلها من شهد بدرًا والحديبية " (¬3) يعنى النار، فهو أقطع منه - عليه الصلاة والسلام - بالجنة لها ولا على كل حال.
ومعنىِ قوله: " وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون " قد تكلمنا عليه وعلى وجوهه (¬4) ولقوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا. إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ} (¬5).
وقول حفصة: بلى، وانتهار النبى - عليه الصلاة والسلام - لها، وقولها: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} وقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد قال الله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا} ": كله دليل على المناظرة فى العلم، وجواز الاعتراض والسؤال فيه لاستخراج الفائدة، وهو مقصد حفصة إن شاء الله، لا أنها قصدت رد مقال النبى - عليه الصلاة والسلام - ولكن قولها: " بلى " [جاء طلباً لشأن ما أشكل هذا] (¬6) عليها، واحتاجت إلى تفسيره من هذا الظاهر المخالف، لما سمعته منه - عليه الصلاة والسلام.
وقد اختلف العلماء فى معنى قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}، وأحسن الوجوه أن
¬__________
(¬1) مريم: 71.
(¬2) مريم: 72.
(¬3) حديث رقم (162) بالباب السابق.
(¬4) سبق فى ك الطهارة برقم (39)، والجنائز رقم (103، 104).
(¬5) الكهف: 23، 24.
(¬6) فى ح: جاء بمعنى طلب بيان ما أشكل. والمثبت من ز.

الصفحة 540