كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم (اسم الجزء: 7)

(...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وَحَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنِى حَجَّاج بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِى بِشْرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِ شُعْبَةَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلا أَدْرِى مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال بقول ابن شبرمة فى مغ هذه الشهادة على الإقرار حتى يشهده المقر، والجمهور على خلافه وأنه متى استوفى الكلام من إقرار وغيره فى دين أو طلاق [أو حرابة] (¬1) شهد به. وهو معنى ما وقع فى المدونة، وإليه يرجع كلام مالك وابن القاسم، ويفسر بعضه بعضاً، وإن كان بعضهم أراد تخريج خلاف منه على ظاهره، وقوله فى قوله الأول، وله تأويل قد بسطناه فى تعليقنا على المدونة، وأما ظاهره فى ذم شهادة من لا يستشهد ولم يطلب منه الشهادة، فحمله قوم على ظاهره وقالوا: فعل ذلك مذموم، والجمهور على خلافه، وأنه محمود، وأن معناها فى هذا الحديث: أن يشهد شهادة زور كاذبًا [ويحلف كاذبًا] (¬2)، ألا تراه كيف قال: " ويفشو فيهم الكذب " (¬3)؟ وقيل؟ يحتمل أن تكون هذه الشهادة قبل سؤالها المذمومة فى الحدود، ورفع الشاهد ذلك من قبل نفسه إلى الإمام، إذ ليس فيه حق لمسلم، وإنما فيه حق لله تعالى، وقد أمر الله تعالى بستر المسلم عورة أخيه، وألا ينتهك حرمته، وقد جاء فى الصحيح: " خير الشهود الذى يأتى بشهادته قبل أن يسألها " (¬4)، وفسره مالك بالرجل يكون عنده الشهادة فى الحق تكون للرجل لا يعلمها، فيخبره بها ويرفعها إلى السلطان. قال الطحاوى - رحمه الله تعالى -: والأولى بنا أن نحمل الأحاديث على هذا التأويل حتى لا يتضاد ولا يختلف.
وقد قيل: معنى " يشهدون ولا يستشهدون ": أنها من شهادة اليمين بمعنى قوله فى الرواية الأخرى: " يحلفون ولا يستحلفون ". وقد جاء فى [تفسير] (¬5) الحديث: [قال إبراهيم] (¬6): " وكانوا ينهونا ونحن غلمان عن العهد والشهادات "، وفى البخارى: " كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ". وفى الرواية الأخرى: " أن يحلف بالشهادة والعهد " قالوا: معناها: الحلف بعهد الله ويشهد بالله.
¬__________
(¬1) فى ح: أو غير ذلك.
(¬2) فى هامش ح.
(¬3) الترمذى، ك الفتن، ب ما جاء فى لزوم الجماعة 4/ 404.
(¬4) الموطأ، ك الأقضية، ب ما جاء فى الشهادات 2/ 720.
(¬5) فى ز: نفس، والمثبت من ح.
(¬6) فى هامش ح.

الصفحة 572