كتاب الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (اسم الجزء: 4)

والسنة على سقوط فرض الغزو عن المتخلفين إذا أقام به منهم من فيه الكفاية، فأما ما دل عليه الكتاب من ذلك فقوله عز وجل: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَر} الآية، ففي هذا بيان على سقوط المآثم عن المتخلفين إذا قام بالغزو من فيه الكفاية، لأن المتخلف لو كان حرجاً لم يكن يستوجب الحسنى، ففيها وعد المتخلف عن الجهاد من الحسنى، أبين البيان على أن في تخلفه غير حرج ولا إثم.
ودل قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا} الآية، على مثل ما دلت عليه هذه الآية قبلها، ودلت الأخبار عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على مثل ما دل عليه كتاب الله.
لا نعلم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - غزوة خرج فيها إلا وقد يتخلف (¬1) عنه فيها رجال، وتخلف - صلى الله عليه وسلم - عن سرايا أخرجها.
(ح 801) ثبت عنه أنه قال: "لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف خلف سرية تخرج في سبيل الله، ولكني لا أجد ما أحمله عليه ولا يجدون
¬__________
(¬1) في الأصل: "يختلف".

الصفحة 11