كتاب الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (اسم الجزء: 4)

وقال الأوزاعي: من كان في سرية عليهم أمير فإن انهزم اللواء والفصل في الثبات، وإن انهزم الوالي فالعسكر لهم فئة.
وقال أبو عمرو: وإن لقي العسكر الأعظم واللواء صبى، وأما لم ينهزم اللواء والإمام، فإن انهزم الإمام، فالإمام بالشام لهم فئة.
وكان الشافعي يقول: "إذا غزا المسلمون فلقوا ضعفهم من العدو، حرم عليهم أن يولوا إلا متحرفين لقتال، أو متحيزين إلى فئة، وإن كان المشركون أكثر من ضعفهم، لم أحب لهم أن يولوا، ولا يستوجبوا السخط عندي من الله لو ولوا عنهم إلى غير التحرف للقتال أو التحيز إلى فئة، وإذا لقي المسلمون العدو فولوا المسلمون متحرفين لقتال، أو متحيزين إلى فئة رجوت أن لا يأثموا، وإن ولوا على غير نية واحدة من الأمرين، خشيت أن يأثموا وأن يحدثوا بعد نية [1/ 160/ألف] خير لهم، ومن فعل هذا تقرب إلى الله بما استطاع من خير، بلا كفارةٍ معلومةٍ عليه، ولو شهد القتال من له عذر في ترك القتال من الضعفاء والمرضى الأحرار، خفت أن يضيق عليهم من التولية ما يضيق، ولو شهد عبد قد أذن له سيده كان كالأحرار، وإن لم يكن أذن له لم يأثم بالتوية، والصبي لا يأثم بالتولية، وكذلك النساء أرجو أن لا يأثموا! بالتولية، قال أبو بكر: قال الله جل ذكره: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّه} الآية، معناه لم يعف عنه، يدل على ذلك قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}

الصفحة 34