كتاب الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (اسم الجزء: 4)

لِمَنْ يَشَاءُ} الآية ومما يدل على صحة هذا المذهب قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} الآية فكما عفا عنهم فقد يرجى أن يعف عن من فعل كفعلهم, ويجب لمن بلى بذلك أن يكثر من الاستغفار فان في:
(ح 823) حديث عبد الله بن مسعود عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثاً، غفرت ذنوبه، وإن كان فارا من الزحف.
وكان ابن عباس يقول في قوله: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا} الآية قال: فرض الله عليهم أن لا يفر رجل من عشرة، ولا قوم من عشرة أمثالهم، فجهد الناس ذلك شق عليهم، فنزلت هذه الآية الآخرى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}، إلى قوله: {الصَّابِرِينَ} الآية فرض الله عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثليهم، ونقص من النصر بقدر ما خفف من العدو.
وكان الشافعي يقول بظاهر قول ابن عباس.

الصفحة 35