كتاب الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (اسم الجزء: 4)

فيرعب العدو وهو مني على مسيرة شهر، وقيل لي: سل تعط (¬1)، واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".
قال أبو بكر: فأقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بمكة مدة طويلة يدعوا إلى الله والإيمان به، وينهى عن الشرك بالله وعبادة الأوثان، وذلك قبل أن أمره الله عَزَّ وَجَلَّ بالإعراض عنهم، فقال: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} الآية، وقال: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} الآية، ثم أذن الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة، فخرج إلى المدينة، ولم يؤذن لهم في شيء من ذلك بقتال المشركين، ولم يحرم عليهم المقام بمكة، ثم أذن لهم في القتال فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الآية.
يقال: أنها أول آية نزلت إذن فيها بالقتال، ثم أوجب عليهم الخروج من مكة إلا من استثنى منهم في آخر الآية، وأمرهم أن يهجروا دار الشرك؛ لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لما خرج عنهم إلى المدينة اشتد بعض من كان بمكة من المشركين على من أقام عندهم بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من المؤمنين، فقال جل ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ
¬__________
(¬1) في الأصل: "نطعمه".

الصفحة 6