كتاب ديوان امرئ القيس ت المصطاوي

بمعنى لم في البيت كما كانت في قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُم} [التوبة: 16].
كذلك يقول: قلت للذئب لَمَّا صاح إن شأننا وأمرنا يقلّ غنانا إن كنت غير متمول كما كنت غير متمول، وإذا روي طويل الغنى، فالمعنى: قلت له إن شأننا أننا نطلب الغنى، ثم لا نظفر به إن كنتَ قليل المال كما كنت قليل المال.
55 - كِلانا إذا ما نالَ شيئًا أفاتَهُ ... ومَن يحترِث حَرْثي وحَرْثك يهزُلِ
أصل الحرث إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها، ثم يستعار للسعي والكسب كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَة} [الشورى: 20] الآية. وهو في البيت مستعار. والاحتراث والحرث واحد.
يقول: كل واحد منا إذا ظفر بشيء فوّته على نفسه أي: إذا ملك شيئًا أنفقه وبذّره ثم قال: ومن سعى سعيي وسعيك افتقر وعاش مهزول العيش.
56 - وَقَدْ أَغْتَدِي، والطَّيرُ في وُكنَاتِهَا ... بِمُنْجَردٍ قَيْدِ الأوابِدِ هَيْكلِ
غدا يغدو غدوًا واغتدى اغتداءً واحدًا. الطير جمع طائر مثل الشَّرْب في جمع شارب والتَّجْر في جمع تاجر والركب في جمع راكب. ثم يجمع على الطيور مثل بيت وبيوت وشيخ وشيوخ. الوكنات: مواقع الطير، واحدتها وكنة، وتقلب الواو همزة فيقال أكنة، ثم تجمع الوكنة على الوُكُنات، بضم الفاء والعين، وعلى الوُكَنات، بضم الفاء وفتح العين، وعلى الوُكْنات، بضم الفاء وسكون العين، وتُكَسَّر على الوُكَن، وهذا حكم فعلة نحو ظلمة وظُلُمات وظُلَمات وظُلَم. المنجرد: الماضي في السير، وقيل: بل هو القليل الشعر. الأوابد: الوحوش، وقد أبد الوحش يأبد أبودًا، ومنه تأبد الموضع إذا توحش وخلا من القُطَّان، ومنه قيل للفذ (¬1) آبدة لتوحشه عن
¬__________
(¬1) الفذّ: الفرد، الوحيد.

الصفحة 53