كتاب ديوان امرئ القيس ت المصطاوي

باتت تنوش الحوض نوشًا من علا ... نوشًا به تقطع أجواز الفلَا
وقوله: كجلمود صخر، من إضافة بعض الشيء إلى كله مثل باب حديد وجبّة خز، أي: كجلمود من صخر.
يقول: هذا الفرس مِكَرّ إذا أريد منه الكرّ، ومِفَرّ إذا أريد منه الفر، ومقبل إذا أريد منه إقباله، ومدبر إذا أريد منه إدباره، وقوله: معًا، يعني أن الكر والفر والإقبال والإدبار مجتمعة في قوته لا في فعله؛ لأن فيها تضادًا، ثم شبهه في سرعة مَرِّه وصلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عالٍ إلى حضيض.
58 - كُمَيتٍ يَزِلُّ اللّبْدُ عن حالِ مَتْنِه ... كَمَا زَلّتِ الصّفْواءُ بالْمُتَنَزِّلِ (¬1)
زل الشيء يزل زليلا، وأزللته أنا. الحال: مقعد الفارس من ظهر الفرس. الصفواء والصفوان والصفا: الحجر الصلب. الباء في قوله بالمتنزل للتعدية.
يقول: هذا الفرس الكُمَيت يزلّ لبده عن متنه لانملاس ظهره واكتناز لحمه، وهما يحمدان من الفرس، كما يُزِلّ الحجرُ الصلب الأملس المطر النازل عليه، وقيل: بل أراد الإنسان النازل عليه، والتَنَزّل والنزول واحد، والمتنزل في البيت صفة لمحذوف وتقديره بالمطر المتنزل أو بالإنسان المتنزل، وتحرير المعنى: أنه لاكتناز لحمه وانملاس صلبه يزل لبده عن متنه كما أن الحجر الصلب يزل المطر أو الإنسان عن نفسه. وجرّ كميتًا وما قبله من الأوصاف؛ لأنها نعوت لمنجرد.
59 - على الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنّ اهتزامَهُ ... إذا جاشَ فيه حميُهُ غَليُ مِرْجَلِ
الذبل والذبول واحد، والفعل ذبل يذبل. الجياش مبالغة جائش، وهو فاعل من جاشت القدر تجيش جيشًا وجيشانًا إذا غلت، وجاش البحر جيشًا وجيشانًا إذا هاجت أمواجه. الاهتزام: التكسر. الحمي: حرارة القيظ وغيره
¬__________
(¬1) الكميت: من الخيل الذي لونه ما بين الأحمر والأسود.

الصفحة 55