كتاب انتفاع الأموات بإهداء التلاوات

الكبير المبارك الموفق الناصح الصالح بهاء الدين ذي الرأي الأصيل والهمة والتحصيل -وفقه الله لمحابه، وجعله من صفوة أحبابه، وبلغه غاية أمنيته في نفسه ونفائسه وذريته-، ونحن على ظهر بظاهر محروسة الموصل - عمر الله بالعدل أوطانها، وحفظ ملكها وسلطانها: الملك المالك العالم العادل المؤيد المظفر المنصور نور الدنيا والدين، مد الله في مدة أجله، وبلغه في نفسه وذريته غاية رغبته ونهاية أمله، ونصره بما نصر به أنبياءه ورسله، وعمر عمر ملكه بعدله وفضله وسروره وجزله وإغناء رعيته عن التعرض للتعوض بعوضه وبدله، إنه سميعٌ قريبٌ.
فسألني عن قول الله تعالى {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، ثم قال: ونحن الآن إذا تصدقنا وقرأنا وأهدينا إلى أهالينا وأصدقائنا من الأموات لا يصل ذلك إليهم، ولا تعود بركته عليهم! نظراً منه -وفقه الله تعالى- إلى ما تقتضيه عندنا من أن الأعمال لا تعدو عامليها نظراً إلى ظاهر الآية، فأخبرته أن هذه الآية مختلفٌ في نسخها وشرح معانيها وأحكامها المجتمع بها عند عاملٍ بظاهرها حتى يخصها، وذاك لأنه لا يمكنه القول بأن سعي الغير في الحج لا يقع عن المحجوج عنه، وكذلك وصول الصدقة إلى الميت المتصدق بها عنه. فذكرت له أخباراً وآثاراً في انتفاع الأموات من جانب الأحياء، إلى أن دخلت المدينة وأنا أذكر له من تتمة الجواب عن السؤال وهو يسر بما يسمع من ذلك -زاده الله سروراً، ولا يزال مؤيداً

الصفحة 49