كتاب انتفاع الأموات بإهداء التلاوات

كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، فإنها تزهد في الدنيا، وترغب في الآخرة)).
فموضع الاستدلال من هذا الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم منع هو وأمته من الاستغفار للمشركين الذين تبين لهم [من] موتهم على الشرك أنهم من أصحاب الجحيم، ولا معنى للاستغفار لقوم أخبر الله تعالى عنهم أنه لا يغفر لهم، لقوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}. ويشهد لصحة ما ذكرنا الآية الثانية: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إياه فلما تبين له أنه عدوٌ لله تبرأ منه}. فدل على أن الاستغفار لأهل الإيمان مشروعٌ غير ممنوعٍ، قال الله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا} الآية، ولولا أن هذه الجملة نافعةٌ لقائلها وللمذكورين ما أثنى الله تعالى عليهم بقولها. ولا محيد عن تسليم هذا، وإن قال المسلم: إنما سلمت لأن هذا دعاء وهو قرآنٌ من غير خلافٍ، فإذا قرأها قارئٌ أجر بقراءتها السابقون بالإيمان إذ هي دعاءٌ وهي قرآنٌ.
ثم إن أفعال المكلفين قسمان:
- استغفارٌ لخوف العقاب.
- وفعل طاعةٍ طمعاً في الثواب.
ثم الاستغفار مؤثرٌ في الأموات دون الأحياء، وهو نوع قربةٍ واعتذارٍ، وقد نطق القرآن بصحته في الآي التي ذكرنا، وأن الحق

الصفحة 70