طريق المقتضى للتخصيص من حيث فتح الله لإتيانه باباً وهو الاستغفار له والصدقة عنه، وذلك لانقطاع عمله لطفاً به منه ورحمةً، فجعل الإهداء له كاتصال عمله الذي يبقى له بعده مثل الوقف والدعاء.
- وأما احتجاجهم بالحديث: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثٍ))، فلا حجة لهم فيه من الوجه الذي خالفونا به، لأنه قال: ((انقطع عمله)) ولم يقل: انقطع نفعه من عمل غيره، فإنه يدخل عليهم الحج والعمرة والعتق والصدقة على قولهم، وباقي القرب على ظاهر الحديث: ((وصل لهما مع صلاتك، وصم لهما مع صيامك))، وهو قولنا على ما قدمنا من الآثار والأخبار والقياس، فجاز هذا في البدنيات كالماليات، ولأن الشارع -عليه السلام- قال: ((صل لهما مع صلاتك)) فسوى بينهما.
- والجواب عن قولهم في النفع الذي يجري للعبد بعد موته: (أن ما عداها لا يتحصل له منه شيءٌ، وإلا فلا فائدة لهذا الحصر) هو أن نقول: إن هذا الخبر يفيد أن بقايا أعماله تنقطع، وليس فيه أن عمل غيره لا يصل كما قلنا في قوله: ((انقطع عمله إلا من ثلاثٍ))، ونحن نضيف إليها زيادةٌ بطريقٍ تصلح للزيادة والإضافة كما زدنا على قوله سبحانه وتعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزيرٍ}: ((كل ذي نابٍ [من السباع] وكل ذي مخلبٍ من الطير))