فامض بنا حتى نراها، فأخذته وتوجهنا إلى بيت سيد الجارية فأخرجها لنا فجلست وغنت فأعجب جعفر جمالها وغناؤها فاشتراها من مولاها بأربعين ألف دينار فلما حضر المال قالت الجارية لسيدها: يا مولاي لو كنت أنا ما بعتك بملء الأرض فبكت، فقال سيدها: أشهدكم أنها حرّة لوجه الله تعالى، فقمنا وحمل الغلام المال معنا، فقال له جعفر: إلى أين تذهب بمالي؟ أعطه لهما يستعينان به (¬1) على شدتهما، فأعطى الأربعين ألف دينار لسيد الجارية وانصرفنا.
وقيل كان أبو علقمة الثقفي صاحب الغريب عند جعفر، فقال-وقد أقبلت إليه خنفساء-: أليس يقال أن الخنفساء إذا أقبلت إلى الرجل جاءت بخير، قالوا: بلى، فقال جعفر: يا غلام أعط الشيخ [ألف] (¬2) دينار. ثم نحّوها عنه، فأقبلت الخنفساء، فقال: يا غلام أعطه ألفا أخرى.
وقال الحافظ الذهبي (¬3) -في ترجمة جعفر: عن محمد بن عبد الرحمن الهاشمي-صاحب صلاة الكوفة، قال: دخلت على أمي يوم النحر وعندها امرأة في أثواب رثّة، فقالت لي: أتعرف هذه؟ قلت: لا، قالت: هذه إيادة (¬4) أم جعفر البرمكي فسلمت عليها ورحبت بها ثم قلت:
يا فلانة حدثينا ببعض أمرك؟ قالت: أذكر لك جملة فيها عبرة/: لقد
¬_________
(¬1) في الأصل: بهما.
(¬2) ساقطة من الأصل.
(¬3) في تاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 181 - 190 هـ) ص 140، بتصرف.
(¬4) كذا في الأصل. وفي تاريخ الإسلام وتاريخ بغداد 7/ 156، ومروج الذهب 3/ 383: عبادة. وفي نهاية الأرب 22/ 144، والوافي بالوفيات 11/ 164: عتابه.