كتاب الإحكام في أصول الأحكام - ابن حزم (اسم الجزء: 3)
بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن لله كان بكم رحيما} فلما كانت هذه الواجبات كلها مأمورا بإخراجها من أموالنا وكان ذلك مسقطا لملكنا عنها كانت قد انتقلت إما إلى ملك المساكين وإما إلى ملك الله عز وجل لا بد من أحد الوجهين المذكورين وما خرج عن ملكنا فلا يحل لنا أن ننصرف فيه إلا بنص مبيح أو إجماع والعجب من حملهم أمر الله تعالى بالأكل منها والإطعام على أن ذلك غير واجب ثم أرادوا أن يخصموا منها بقياس لا يشبه ما أرادوا تشبيهه به نعني هدي المتعة بهدي الجزاء فهلا إذ قاسوا هدي المتعة على هدي الجزاء قاسوا صيام الجزاء على صيام المتعة ولكن هذا في تناقضهم يسير جدا وأيضا فلا إجماع في تحريم الأكل من جزاء الصيد وقد روينا عن بعض التابعين إباحة الأكل منه قال علي وقال بعضهم كيف تتركون ظاهر القرآن الذي من أنكره أو شك فيه كفر لخبر واحد لا تكفرون ما خالفكم فيه ولا تفسقونه قال علي فيقال لهم وبالله تعالى التوفيق القطع على وجوب الائتمار لهما معا واحد بالدلائل التي قد ذكرناها في باب إثبات العمل بخبر الواحد من هذا الكتاب وكلاهم وحي من عند الله تعالى والقطع في المراد منهما بالمغيب منهما معا إنما هو على حسب الظاهر منهما وإنما يكفر من أنكر تنزيل القرآن أو تنزيل بعضه فقط وأما إن أنكر الأخذ بظاهره وتأول في آياته تأويلات لا يخرج بها عن الإجماع فإننا لا نكفره ما لم تقم الحجة عليه كما لا نكفر من خالفنا في قبول خبر الواحد ما لم تقم الحجة عليه وكلا الأمرين سواء ولو أن امرأ يقول لا أقبل ما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لكان كافرا مشركا كمن أنكر القرآن أو شك فيه ولا فرق وبالله تعالى التوفيق
الصفحة 153
162