كتاب الإحكام في أصول الأحكام - ابن حزم (اسم الجزء: 5)
صلى الله عليه وسلم لا نذر في معصية الله تعالى ولا فيما يملك العبد وقوله صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه مع ما ذكرنا من قوله صلى الله عليه وسلم كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل فصح بهذه النصوص أن تلك الآيات والخبرين إنما هي فيمن شرط أو نذر أو عقد أو عاهد على ما جاء القرآن أو السنة بإلزامه فقط وقد وافقنا المخالفون ههنا على أن من نذر أو عقد أو عاهد أو شرط أن يزني أو يكفر أو يقتل مسلما ظلما أو أن يأخذ مالا بغير حق أو أن يترك الصلاة فإنه لا يحل له الوفاء بشيء من ذلك لأنه معصية ولا فرق بين هذا وبين شرط وعاهد وعقد أن يضيع حدا أو أن يبطل حقا أو أن يمنع مباحا والمفرق بين ذلك مبطل متناقض متحكم في الدين بالباطل فارتفع الإشكال في هذا الباب جملة والحمد لله رب العالمين وكذلك قول الله عز وجل {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم لكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على لله لكذب إن لذين يفترون على لله لكذب لا يفلحون * متاع قليل ولهم عذاب أليم} فهذا غاية البيان في صحة قولنا والحمد لله رب العالمين وباليقين ندري أن من حرم على نفسه أن يتزوج على امرأته أو أن يتسرى عليها أو ألا يرحلها أو ألا يغيب عنها فقد حرم ما أحل الله تعالى له وما أمره تعالى به إذ يقول {وإن خفتم ألا تقسطوا في ليتامى فنكحوا ما طاب لكم من لنسآء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا}
وقال تعالى {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} وقال عز وجل {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} وقال تعالى {عندها جنة لمأوى} وقال تعالى {هو لذي يسيركم في لبر ولبحر حتى إذا كنتم في لفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جآءتها ريح عاصف وجآءهم لموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا لله مخلصين له لدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من لشاكرين} وكذلك من عاهد على تأمين من لا يحل تأمينه وعلى إبقاء مال في
ملك من لا يحل له تملكه وعلى اسقاط حد الله تعالى أو قود فإنه قد عقد على معصية وسمى الحلال حراما
الصفحة 15
189