كتاب الإحكام في أصول الأحكام - ابن حزم (اسم الجزء: 6)

حدثني عبد الله بن العباس حدثني عمر بن الخطاب فذكر حديث إيلاء النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه وأن عمر قال فقلت يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهم فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول ونزلت الآية آية التخيير {إن تتوبآ إلى لله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير * عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا} قال عمر فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ونزلت هذه الآية {وإذا جآءهم أمر من لأمن أو لخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى لرسول وإلى أولي لأمر منهم لعلمه لذين يستنبطونه منهم ولولا فضل لله عليكم ورحمته لاتبعتم لشيطان إلا قليلا} قال عمر فكنت أنا الذي استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله عز وجل آية التخيير قال أبو محمد وقبل كل شيء فهذا اللفظ إنما روي من هذه الطريق وفيها عكرمة بن عمار وهو منكر الحديث جدا وقد روينا من طريقه حديثا موضوعا مكذوبا من طريق هذا الإسناد نفسه عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل عن
ابن عباس وهكذا لا شك فيه ليس في سنده أحد متهم غيره

وهذا الحديث الذي فيه أن أبا سفيان بن حرب بعد إسلامه كان المسلمون يجتنبونه وأنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج ابنته أم حبيبة وأن يستكتب ابنه معاوية وأن يستعمله يعني نفسه ويوليه قال أبو محمد وهذا هو الكذب البحت لأن نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة كان وهي بأرض الحبشة مهاجرة وأبو سفيان كان بمكة قبل الفتح بمدة طويلة ولم يسلم أبو سفيان إلا ليلة يوم الفتح ولأن الصحيح

الصفحة 23