فالمراد بالجماعة في هذا الحديث جماعة الأبدان، أي الاجتماع على الحاكم في السمع الطاعة في غير معصية الله، ففرق بين هذا و بين إجماع الأمة على مسألة شريعة.
المسألة الثالثة
موقف أهل البدع من الإجماع
أهل البدع - من حيث الجملة - مع الإجماع طائفتان:
الطائفة الأولى: أنكرت الإجماع وقالت إن الإجماع ليس حجة، وأول من أنكر الإجماع واشتهر بذلك هو النظَّام المعتزلي كما عزاه إليه ابن قدامة في «روضة الناظر» (¬١) ونسبه إليه جماعة (¬٢)، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (¬٣) أن المعتزلة والشيعة خالفوا في حجية الإجماع.
فإذن كل من أنكر حجية الإجماع فسلفه هو النظَّام المعتزلي، فإنه أول من خالف في حجية الإجماع (¬٤).
والطائفة الثانية: صعَّبت وجود الإجماع ولم تصرح بإنكاره، فلسان مقالها يقول: نقر بالإجماع. ولسان حالها يقول: لا يوجد إجماع.
ومثال ذلك:
١ - طائفة قالوا: لا يكون الإجماع إجماعًا حتى يجتمع العامة مع أهل العلم.
---------------
(¬١) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (١/ ٣٧٩).
(¬٢) كـ: أبي الحسين في «المعتمد» (٢/ ٤)، والغزالي في «المستصفى» (١/ ١٣٧)، والآمدي في «الإحكام» (١/ ٢٠٠)، والزركشي في «البحر المحيط» (٦/ ٣٨٤) وغيرهم.
(¬٣) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١١/ ٣٤١).
(¬٤) قال أبو المعالي الجويني في «البرهان في أصول الفقه» (١/ ٢٦١): أول من باح بِرَدِّه النظَّام، ثم تابعه طوائف من الروافض.